الكوليرا الحوثية.. غزو فتاك على مليوني إنسان
على مدار خمس سنوات، ارتكبت المليشيات الحوثية صنوفًا عديدة من الانتهاكات ضد القطاع الصحي، مُخلِّفةً وراءها كثيرًا من المآسي، بعدما تفشّت كثيرًا من الأمراض القاتلة.
أحد هذه الأوبئة هو مرض الكوليرا، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية أنَّ العدد التراكمي لحالات الكوليرا المشتبه بها والمبلغ عنها منذ أكتوبر 2016 حتى أغسطس 2019، بلغت مليونين و36 ألفًا و960 حالة إصابة، بما في ذلك 3 آلاف و716 حالة وفاة، بمعدل وفيات بنسبة 0.18٪.
والمنظمة قالت في تقريرها عن حالة الكوليرا في اليمن حتى أغسطس الماضي، إنّ اليمن عانى من ثلاث موجات لمرض الكوليرا خلال الأشهر الـ23 الماضية، جراء انهيار القطاع الصحي، وارتفاع معدلات سوء التغذية بين النساء و الأطفال، الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
وتسبَّبت الحرب الحوثية في تعطل شبكات الصرف الصحي و إيقاف نفقات مشروعات المياه، ما ساهم في انتشار الكوليرا، الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتردي.
وبحسب تقارير أممية، يعاني نحو 17.8 مليون شخص من نقص إمدادات المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي، ولا يحصل 19.7 مليونًا على خدمات رعاية صحية كافية.
وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، فإنّ المحافظات الخمس ذات أعلى معدل هجوم تراكمي لمرض الكوليرا هي عمران، المحويت، صنعاء، البيضاء، ذمار، فيما سجلت محافظات حجة، إب، الحديدة أعدادًا كبيرة من الوفيات.
وحذَّرت تقارير دولية من موجة انتشار جديدة للكوليرا في اليمن، في النصف الأول من العام الجاري، مع احتمال ارتفاعها مع تغيرات المناخ وحلول موسم المطر المقبل.
كما أكَّدت منظمة إنقاذ الطفولة الخيرية، ومقرها لندن، قبل نحو أسبوع، أنها رصدت بلاغات بـ440 ألف حالة كوليرا مشتبه بها في اليمن حتى أواخر يونيو الماضي.
وقبل أيام، سجّلت محافظة إب انتشارًا جديدًا لمرض الكوليرا في عددٍ من المديريات، حيث قالت مصادر طبية إنّ شخصين توفيا وأصيب عشرات آخرون بالمرض في منطقة المسيل بفرع العدين، في ظل وضع معيشي وإقتصادي منهار في المنطقة فاقم من حجم المعاناة.
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد أصدرت تقريرًا مؤخرًا، كشف أنّ 913 شخصًا توفوا على إثر الإصابة بوباء الكوليرا فيما أصيب نحو 700 ألف آخرين، وذلك في الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضيين.
المنظمة قالت أيضًا إنّه تمّ الإبلاغ عن وجود الوباء في 305 مديريات من أصل 333 مديرية، وكشفت أنَّ الأطفال دون سن الخامسة يُشكّلون 25,5%، من إجمالي الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا، وأعلنت عن زيادة متوقعة خلال الأسابيع المقبلة في الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا، في بعض المناطق.
الأرقام التي وردت في التقرير يمكن القول إنّها لا تحمل أي مفاجأة، فعلى مدار سنوات خمس ارتكبت المليشيات الحوثية كافة صنوف الاعتداء على القطاع الصحي، مخلِّفةً وراءها مأساة غير مسبوقة، سواء عبر قصف وتعطيل المستشفيات وإغلاق الصيدليات وتفشي الأوبئة ونشر الفقر، وإهمال الوضع البيئي، وسرقة المساعدات الدوائية، وهي أسبابٌ كفيلة في مجملها لأنْ تؤدي إلى تفشي الأمراض.
وأصبح نحو مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، منهم حوالي 360 ألفًا دون سن الخامسة، يعانون من سوء التغذية الحاد جدًّا، وهم يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة، بحسب تقرير صادرٍ عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".
الوضع المروّع يشير كذلك إلى أنّ الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد هم أكثر عرضة للوفاة بـ11 ضعفًا بالمقارنة مع أقرانهم الذين يحظون بتغذية جيّدة، كما أنّ تقديرات المنظمات الأممية تكشف أنَّ حوالي 2,5 مليون امرأة حامل أو مرضع في اليمن بحاجة ماسة إلى خدمات التغذية والمشورة لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه، إذ تتعرض النساء الحوامل المصابات بسوء التغذية لخطر متزايد من الإجهاض والكرب الذي تسببه، بالإضافة إلى فقر الدم والموت أثناء الولادة.