حيلة الإرهاب الفتاك.. مخطط حوثي لاستدراج الأطفال إلى الجبهات
في محاولة لتعويض خسائرها الضخمة على أكثر من جبهة، توسّعت المليشيات الحوثية في تجنيد الأطفال، مستخدمةً في ذلك حيلة جديدة لإتمام مخططها الغاشم.
الحيلة الحوثية تمثّلت في تقديم عروض للأهالي بمنح مكافآت مالية لكل طفل يذهب إلى جبهات القتال، مع منح أسرته موادًا إغاثية وتسجيلهم في قوائم المستحقين للمواد الغذائية، وأولوية العلاج في المستشفيات، ومنح بطاقات ورقية لكل أسرة يتم الحصول بموجبها على ما يسمى بـ"مكرمة السيد".
وهذه المكرمة عبارة عن بطاقة صغيرة تمنح الأسر أولوية العلاج والسفر والتعليم والمواد الإغاثية والصحية والحصول على أنابيب الغاز، وتسهيل كافة الخدمات التي تحتاجها الأسر التي تتعاون في إرسال أطفالهم للجبهات.
وبعد فشل الحوثيين في استقطاب مقاتلين جدد للجبهات من خلال الإغراءات المتواصلة والنداءات والخطب والكلمات في المدارس والجامعات، لم تتحقق أهدافهم في الحصول على المقاتلين، لذلك اتجهت الميشيات إلى أسلوب التهديد الذي لم يحقق الغاية هو الآخر، حيث قالت مصادر مطلعة إنّه قوبل بالرفض من قبل السكان الذين فرضوا رقابة على أبنائهم ومتابعة شديدة حذرًا من الوقوع في أيدي العصابات الحوثية.
وبعد فشل محاولات الحوثيين في إقناع سكان صنعاء وصعدة وغيرها من المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم، بدأت المليشيات الترويج لأسلوب جديد وهو عبارة عن خدعة استغلوا من خلالها ضعف الناس وحاجتهم للغذاء والخدمات والعلاج، وذلك عبر منح مكافأة شهرية للمقاتل في صفوفهم وإعطاء المالكين لها أولوية الحصول على الغذاء والعلاج.
وبحسب المصادر، تمّ فتح مكتب في صنعاء باسم مكتب استقبال المبادرين، ويتم من خلاله منح "مكرمة السيد" وهي نوعان من البطاقات، الأول يطلق عليها "الأنصار المبادرون"، والثانية "الأنصار المجيبون".
البطاقة الأولى تحمل ميزات تمنح للأسرة التي تبادر بتقديم طفلها إلى المكتب وتسليمه للحوثيين للذهاب إلى القتال، أمَّا البطاقة الثانية فهي التي يذهب فيها فريق من الحوثيين لتجميع الأطفال وإغراء الأهالي بتلك المميزات.
ورغم كل هذه المحاولات إلا أن الحوثيين صدموا من الواقع الرافض لهم ولكل إغراءاتهم، حيث رفضت كثير من العائلات هذه المكرمة ولم تقبل بها، بسبب التجارب المريرة السابقة مع الحوثيين ومعرفة كذبهم وتضليلهم وعدم التزامهم أو وفائهم بأي وعود.
ويمكن القول إنّ المرحلة الحالية التي يمر بها الانقلابيون هي من أصعب المراحل وأضعفها نظير فشلهم في استقطاب المقاتلين الجدد، وبخاصةً أنَّ الجبهات في الفترة الأخيرة شهدت سقوط أعداد كبيرة من القتلى الحوثيين وحالات استسلام وهروب، كما أن المخاوف تحيط بهم من كل جنب خصوصا تلك التي تتعلق بإمكانية سقوط الحديدة أو صعدة في أي وقت، ولذلك هم يحاولون تكثيف المقاتلين في هاتين المنطقتين على حساب جبهات أخرى.
ومنذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، ارتكبت العديد من الانتهاكات ضد الأطفال، مُخلِّفةً وراءها حالة إنسانية شديدة البؤس.
ويعتبر "تجنيد الأطفال" الجريمة الأشد بشاعة التي اقترفها الحوثيون ضد الأطفال من أجل تعزيز جبهاتهم، وقد كشفت إحصاءات رسمية أنّ الحوثيين جنَّدوا نحو 30 ألف طفل لإشراكهم في المواجهات الدائرة خلال الحرب العبثية التي أشعلتها في صيف 2014.
وفي الفترة الأخيرة، عملت المليشيات على استقطاب المئات من شريحة الشباب والأطفال من فئة المهمشين، حيث نفّذ مشرفو الحوثي نزولًا ميدانيًّا لعددٍ من تجمعات الفئة المهمشة في صنعاء، بهدف الضغط على الأسر، وإجبارها على إخضاع أبنائها من الأطفال والمراهقين لدورات ثقافية طائفية، تمهيدًا للزج بهم في جبهات القتال.
وفي نهاية 2018، اعترفت المليشيات بأنّها جنّدت أكثر من 18 ألف شخص، وقد جاء ذلك على لسان قيادي حوثي كبير تحدّث لوكالة "أسوشييتد برس" التي قالت بدورها إنّ هذا الرقم أعلى من أي رقم تم الإبلاغ عنه سابقًا، حيث تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من 2721 طفلاً تم تجنيدهم للقتال.
ونقلت الوكالة شهادات عن بعض الأطفال الذين أكدوا أنهم انضموا إلى الحوثيين وذلك بسبب الوعود بالمال أو بالفرصة لحمل السلاح، بينما آخرون وصفوا بأنهم مجبرون على خدمة الحوثيين وتم اختطافهم من المدارس أو المنازل أو أكرهوا على الانضمام مقابل إطلاق سراح أحد أفراد العائلة من المعتقل.
وأكد أطفالٌ وآباءٌ ومربون وأخصائيون اجتماعيون أن سياسة الحوثيين تجاه تجنيد الأطفال "حملة عدوانية تستهدف الأطفال، وليست دائمًا طوعية بالكامل".
وأوضحت الوكالة أنَّ المسؤولين الحوثيين يستغلون وصولهم إلى هيئة السجل المدني والسجلات الأخرى لجمع البيانات التي تسمح لهم بتضييق نطاق قائمتهم المستهدفة من الأسر الأكثر احتياجًا في القرى ومعسكرات النازحين، وأولئك الأكثر احتمالاً لقبول عروض نقدية مقابل التجنيد.