بوعزيزي ريمة.. هل يُشعل الضبيبي انتفاضة ضد الحوثيين؟
في ديسمبر 2010، أضرم الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في نفسه حتى أصبح رمزًا لثورة الياسمين التي أطاحت بالرئيس "الراحل" زين العابدين بن علي، وفي نوفمبر 2019 حدثت واقعة مشابهة في محافظة ريمة، أثارت تكهنات حول انتفاضة على المليشيات الحوثية.
جمال صالح الضبيبي، البالغ من العمر 41 عامًا، من محافظة ريمة، صبَّ مادة البنزين على جسده وأشعل النار فيه أمام الملأ؛ احتجاجًا على ما تعرض له من ظلم وابتزاز من قبل قيادات حوثية بارزة وعدم إنصافه من قبل القضاء.
والتهمت النيران جسد "الضبيبي" قبل أن يبادر بعض المارة ويطفئوا ألسنة اللهب وينقلوه إلى المستشفى الجمهوري لتلقي العلاج في حالة صحية حرجة للغاية، وسط تكتم وحراسة مشددة.
ومن غير المستبعد أن تقدم مليشيا الحوثي على تصفية الضبيبي حتى لا يحدث أي تطورات تفضح فساد وجرائم جماعة الحوثيين وقياداتها وتشعل الشارع ضد انتهاكاتهم.
وتعبيرًا عن المخاوف الحوثية، أقدم قيادي بالمليشيات، يحمل رتبة عميد في الرئاسة، هدَّد أصحاب المحلات التجارية الذين شاهدوا الحادثة بإغلاق محلاتهم واعتقالهم وإيداعهم السجن مدى الحياة في حال تحدثوا عن ما حدث للمواطن أو قاموا بتسريبه لوسائل الإعلام.
تتزامن هذه الواقعة مع مخاوف في المعسكر الحوثي من اندلاع احتجاجات ضد المليشيات، على غرار المظاهرات العارمة التي تسود في العراق ولبنان وإيران في هذه الفترة.
وسط مخاوف حادة من اندلاع احتجاجات ضدها على غرار ما يحدث في لبنان والعراق وحتى إيران، تتخوَّف المليشيات الحوثية من هبة شعبية ضدها، وكثَّفت إجراءاتها لامتصاص هذا الغضب.
مصادر "المشهد العربي" كشفت أنّ مجموعة من السياسيين والأكاديميين الموالين للمليشيات رفعوا جملة من المقترحات بهدف امتصاص الغضب الشعبي وتحسين صورة الحوثيين، إلى زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي, والذي بدوره وجه قياداته بالعمل على تنفيذها.
هذه المقترحات تشمل عددًا من النقاط الكثيرة منها استمالة الشخصيات الاجتماعية والمشائخ والقيادات العسكرية الموالين للمؤتمر للرئيس الراحل علي عبد الله صالح, الذين تعرضوا للتهميش بعد أحداث ديسمبر 2017, بالإضافة إلى تخفيض أسعار خدمات الاتصالات والمياه, واستبعاد الرسوم الجديدة التي فرضتها المليشيات على الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية.
وتضمّنت المقترحات أيضًا، إعادة صرف المرتبات, والحد من سلطات المشرفين وعمليات الاعتقال والتعسفات, وتصحيح الأوضاع في أقسام الشرطة وإطلاق المعتقلين والمختطفين وإعادة المنهوبات, ومنع الجبايات والحملات التي تقوم بها مليشيا الحوثي على أصحاب المحال التجارية, ومنع ابتزاز التجار, وإيقاف التعسفات بحق أصحاب الصيدليات.
وأوضحت المصادر أنّ قيادات حوثية نافذة ردت على المقترحات وقدمت تقارير أخرى إلى مكتب زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي, تحذر من إرخاء القبضة الأمنية واعتبرت ذلك خطرًا كبيرًا على الجماعة.
ورفضت قيادات حوثية نافذة، الكثير من تلك المضامين لخوفها على مصالحها ونفوذها.
وذكرت المصادر، أنّ مليشيا الحوثي بصدد الإعلان خلال الأيام المقبلة عن تخفيض طفيف في أسعار الإنترنت والاتصالات والترويج لذلك إعلاميًّا، ولفتت إلى صدور تعليمات إلى وزير الصحة في حكومة الحوثي غير المعترف بها طه المتوكل بالحد من التعسفات والابتزاز ضد أصحاب الصيدليات والقطاع الصحي الخاص.
وتواصل المليشيات الحوثية إجراءاتها التي تستهدف وأد أي احتجاجات ضدها في صنعاء، على غرار المظاهرات التي تعم لبنان والعراق والتي تجمع بينهم جميعًا رفضٌ للنفوذ الإيراني، فضلًا عن وصول الاحتجاجات إلى قلب طهران.
مليشيا الحوثي أصدرت تعليمات سرية جديدة لأجهزتها الأمنية ومشرفيها بتشديد الرقابة على المواطنين في صنعاء، تخوفًا من اندلاع شرارة تظاهرات ضدهم، وقالت مصادر "المشهد العربي" إنَّ التعليمات الجديدة قضت بمراقبة تحركات بعض المواطنين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، والسياسيين غير الموالين لهم والعسكريين السابقين المنقطعين، بالإضافة إلى نشر الجواسيس بين طلاب جامعة صنعاء والجامعات الخاصة.
وأضافت المصادر أنَّ التعليمات الجديدة قضت برفع التقارير أولًا بأول حول المزاج الشعبي، فيما أفادت مصادر أخرى بأنَّ مليشيا الحوثي نشرت جواسيس وبلاطجة في حافلات نقل الركاب والأسواق الشعبية والشوارع لقياس مزاج الشارع، وافتعال مشكلات مع من يعتقد أنه يحرض على تظاهرات، حتي يتم اعتقاله بتهمة الشجار، بدون الإفراج عنه إلا بعد أخذ المعلومات الكاملة عنه، ووضعه في لائحة الرقابة.