الحماية الرئاسية ومعلاق جحا

د. عيدروس النقيب

كما يعلم الجميع نص اتفاق الرياض الموقع بين حكومة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور والمجلس الانتقالي الجنوبي على العديد من التعهدات والواجبات والاستحقاقات من بينها تأمين الحكومة لمستحقات الموظفين الحكوميين بمجرد قدومها إلى عدن، وانسحاب القوات العسكرية التي قدمت إلى أبين وشبوة من خارج المحافظتين وبقية الإجراءات الأمنية والدفاعية التي من بينها السماح للواء من قوات الحماية الرئاسية لتأمين قدوم الرئيس هادي وإقامته في عدن.

لم تنفذ الحكومة شيئا من تعهداتها فلا مرتبات الموظفين سلمت، ولا ضبطت الأوضاع الأمنية ولا وحدت القوى العسكرية لمواجهة المشروع الانقلابي ولا أوقفت الحملات الإعلامية ضد الجنوب والجنوبيين وفي المقدمة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني والنخب الامنية، لكنها (وبالتحديد هوات الحروب من أساطينها) حريصة كل الحرص على بند واحد فقط وهو المتعلق بتشكيل "لواء الحماية الرئاسية" وإدخاله إلى عدن.

فمنذ الأيام التالية لتوقيع اتفاق الرياض تتردد عبر المواقع والوسائل الإعلامية المقربة ممن اختطفوا الشرعية عن الاستعدادات للتجييش على عدن باسم "لواء الحماية الرئاسية" وتؤكد مصادر مقربة من قيادات "جناح الصقور" أن عشرات الآلاف يجري إعدادهم للزج بهم في "لواء الحماية الرئاسية" وإرسالهم إلى عدن وبالتأكيد ليس لحماية الرئيس ولا لحماية مؤسسة الرئاسة بل لأغراض أخرى لا صلة لها بمهمة هذا اللواء.
وهنا لا بد من الإشارة إلى بديهيتين تتصلان بهذه القضية وباتفاق الرياض.

الأولى: إن الجناح الأشد تطرفا والممسك بالقرار العسكري والأمني وحتى السياسي، وكما أسماه أحد المتحدثين باسمه جناح الصقور لا يريد اتفاق الرياض وسيسعى بكل أدواته الباطشة إلى إفشاله مهما كلفه الامر.

الثانية: أن ألوية الحماية الرئاسية لم يلغها احد ولم يخرجها احد من مواقعها، َصحيح أن قياداتها التي ورطتها في مواجهة مع اهلها في الجنوب قد تركتها ولاذت بالفرار، وهي القيادات التي نص الاتفاق على استبعادها من اي تشكيل قادم، لكن أفرادها والكثير من قادتها موجودون ويمارسون أعمالهم بشكل طبيعي، وهم من يتولى الإشراف على قصر الرئاسة في المعاشيق، وبالتالي فإن على رئاسة الجمهورية ومن يحرص من أنصارها على تنفيذ اتفاق الرياض ان تحرص على أن يكون لواء الحماية الرئاسية المنصوص عليه في هذا الاتفاق من أولائك الافراد الذين تعايشوا مع رفاقهم من قوات الحزام الامني وبقية الأجهزة الدفاعية والأمنية ولم يتورطوا في جرائم القتل والعدوان التي ارتكبها الحمقى باسم "الشرعية" وباسم "الحماية الرئاسية" والطرفان قد يكونان بريئين من هذه الحماقات والجرائم ومرتكبيها.

لواء الحماية الرئاسية يجب أن لا يتحول إلى معلاق جحا الذي ستعلق عليه محاولات والاعيب إفشال اتفاق الرياض، ولا يراودني ادنى شك أن الأشقاء في التحالف العربي، وهم المفوضون بالإشراف على تنفيذ اتفاق الرياض، لن تنطلي عليهم الاعيب العبث والتسلي والتخريب التي يمارسها بعض المتضررين من الاتفاق، الذين لن يألوا جهداً في سبيل إفشال الاتفاق واحد وسائلهم هي "لواء الحماية الرئاسية" الذي سيحرصون على تعبئته بالإرهابيين من القاعدة وداعش الذين يرعونهم ويدخرونهم لوقت الحاجة ومن رجال القبائل ممن لا علاقة لهم بالعسكرة والعسكرسة، وبكل من هبّ ودبّ ممن يسيل لعابهم إلى غنائم الحروب وعمليات النهب والسلب المعروفة بعيد كل غزوة من غزواتهم.


مقالات الكاتب