نظرة أخرى على عدوان أحور.. كيف تلاعب الإخوان بـاتفاق الرياض؟
مثّل العدوان الذي شنَّته المليشيات الإخوانية أمس الخميس على مدينة أحور بمحافظة أبين، تصعيدًا خطيرًا وتمردًا كبيرًا على اتفاق الرياض، في اليوم الذي كان يُفترض فيه أن يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة.
المليشيات الإخوانية مارست تمرُّدًا وانقلابًا جديدًا على اتفاق الرياض، باحتلالها مدينة أحور بمحافظة أبين، وشنّ عدوان مروع أسفر عن استشهاد القيادي في المقاومة الجنوبية بالمدينة الشيخ سالم الساحمي.
التصعيد الإخواني وتزامنه مع اليوم الذي حدَّده الاتفاق لتشكيل حكومة جديدة، يبدو أنّه تضمّن رسالة لمختلف الأطراف بأنّ حكومة تصريف الأعمال ستظل تعرقل الاتفاق، وهو ما يفرض ضرورة التدخل بشكل عاجل، لا سيّما من قِبل المملكة العربية السعودية، لإلزام هذا الفصيل بالالتزام بالاتفاق.
اتفاق الرياض نصّ على بقاء اللواء الأول حماية رئاسية ولواء لحماية المجلس الانتقالي الجنوبي، ووفقًا لذلك، تمّ الاتفاق في لجنة التفاوض على تحديد قوام وقيادات وهيكل اللواء الأول حماية رئاسية حسب ما كان قائمًا عليه قبل أغسطس 2019.
وتنفيذاً لما سبق - بحسب نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح - تمّ التوافق خلال اليومين الماضيين على السماح بعودة سرية من اللواء الأول حماية رئاسية لحماية قصر معاشيق تكون من قوام اللواء الأول حماية السابق.
إلا أنّ ما حدث هو استقدام قوة عسكرية تنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية من مأرب جميع عناصرها من محافظات الشمال، ولا صلة لها باللواء الأول حماية رئاسية، وبعتاد عسكري كبير لا يتفق مع مهام قوة الحماية وهو أمر طالما رفضه وسيرفضه المجلس الانتقالي .
وعلى إثر هذا التصعيد، قام فريق المجلس الانتقالي في اللجنة المشتركة بالرياض بالجلوس مع الأشقاء في المملكة وتقديم الأدلة الثبوتية على أن تلك القوات لا تمت بصلة للواء الأول حماية رئاسية، واستنادًا لذلك تم التوجيه بإيقاف هذه القوات في مدينة شقرة حتى يتم التحقق من هوية عناصرها وتسليحها وما إذا كانت تتبع اللواء الأول حماية رئاسية أم لا.
وأضاف صالح: "نؤكد أنّه وعلى قدر التزام المجلس بجهود السلام وحرصه على تنفيذ اتفاق الرياض فهو ملتزم قبل ذلك بالدفاع عن الأراضي الجنوبية، وحمايتها من محاولات إعادة احتلالها مجددًا بأي صيغة وزرع الإرهاب فيها، ولدى المجلس وقوات المقاومة الجنوبية من القوة ما يكفي لردع كل متطاول لم يتعلم بعد من دروس الماضي".
وتابع: "نطمئن شعبنا بأن الأوضاع تحت السيطرة، وأن القيادة السياسية والعسكرية وقواتنا على الأرض عند مستوى المسؤولية".
التصعيد الإخواني حمل رسالة بـ"انقلاب واضح الأركان" على اتفاق الرياض، رسالةٌ تؤكّد رسالةً أخرى كان موعدها في الـ20 من نوفمبر الماضي، ذلك اليوم الذي كان مقررًا فيه أن تعود القوات التي تحرّكت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه العاصمة عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي إلى مواقعها السابقة، وتجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن بإشراف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، إلا أنّ شيئًا أيضًا لم يحدث.
في المقابل، تبدي القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة في المجلس الانتقالي، التزامًا كاملًا ببنود الاتفاق؛ إدراكًا منها لأهمية هذه الخطوة على صعيد ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما شوّه مسارها حزب الإصلاح الإخواني الإرهابي، المخترِق لحكومة الشرعية.
هذه الانضباط أو الالتزام الجنوبي ببنود الاتفاق لا يعني الصمت أمام الاعتداءات الإخوانية، فالقوات المسلحة الجنوبية تبقى جاهزة ومتأهبة لصد أي عدوان يستهدف أراضيها ويحاول النيل من أمن شعبها واستقراره، وهو ما يبقى دائمًا في خانة "الدفاع عن النفس".
تجلّى هذا الأمر جيدًا في بيان المجلس الانتقالي الذي جدّد على التزامه بالاتفاق من جانب، مع العمل على الدفاع عن النفس بشكل كامل، إزاء الاعتداءات الإخوانية المتواصلة، وقد ورد ذلك أيضًا على لسان مصدر جنوبي رفيع أكّد أنّه لن يُسمح بدخول أي قوة شمالية صوب محافظة أبين حتى لو اندلعت حرب طاحنة، مشيرًا إلى أنّ القوات الجنوبية مستعدةٌ للتصدي لذلك.
وقال المصدر إن الاستعداد القتالي لدى القوات الجنوبية كبير، ولا قلق في هذا الجانب، والمجلس الانتقالي يقوم بواجبه على أكمل وجه، وطمأن شعب الجنوب بأن القيادة تقوم بواجبها في وضع كل الأمور قيد العمل سياسيًّا وعسكريًّا وأمنيًّا.