صحفيون في زنازين الحوثي.. محاكمة الظلم المقنّن
عقابًا لهم على فضحهم الجرائم العديدة التي ترتكبها المليشيات، يدفع العديد من العاملين في وسائل الإعلام، أثمانًا باهظة من قِبل الحوثيين الذين يحاولون إخفاء انتهاكاتهم المروعة.
المليشيات الحوثية بدأت محاكمة عشرة صحفيين بتهمة "التخابر مع دول التحالف العربي"، وذلك بعد أربع سنوات من اعتقالهم في سجون الانقلابيين.
والصحفيون هم عبد الخالق عمران، أكرم الوليدي، الحارث حميد، توفيق المنصوري، هشام طرموم، هيثم الشهاب، هشام اليوسفي، عصام بلغيث، حسن عناب وصلاح القاعدي.
وقال محامي الصحفيين عبد المجيد صبرة، في بيان، إنَّ المحكمة الجزائية المتخصصة "أمن الدولة" عقدت أولى جلسات محاكمة الصحفيين، واجهتهم خلالها بقرار الاتهام وقائمة الأدلة.
واتهم صبرة القاضي بالانحياز لجماعة الحوثي، وترديد اتهامات النيابة بأن "الصحفيين أعداء لأبناء الشعب"، مشيرًا إلى رفض القاضي إثبات تلك التهم.
وكشف الصحفيون أنّهم تعرضوا قبل شهر للضرب من قِبل أحد ضباط الأمن السياسي، ومسؤول السجن، ويدعى يحيى سريع.
وكانت مليشيا الحوثي قد اعتقلت في مطلع يونيو 2015، الصحفيين بتهم تبني أعمال مضادة للانقلابيين، بما فيها التخابر مع التحالف العربي.
إجمالًا، تعمل المليشيات الحوثية على التضييق على وسائل الإعلام، بغية منعها من كشف الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها الانقلابيون منذ أن أشعلوا حربهم العبثية في 2014.
وفي نهاية نوفمبر الماضي، كشفت مصادر "المشهد العربي" أنَّ جهاز الأمن القومي التابع للمليشيات الحوثية أبلغ تسع محطات في عدة محافظات خاضعة لسيطرة للانقلابيين، بالغلق خلال أسبوع.
هذه الخطوة الحوثية، التي تنضم إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تستهدف وسائل الإعلام، جاءت دون إعلان أسباب، بحسب المصادر.
المليشيات الحوثية منذ أن أشعلت الحرب، ارتكبت الكثير من الانتهاكات في مجال الإعلام؛ وذلك منعًا لظهور أي أصوات معارضة تفضح الإرهاب الذي يمارسه الانقلابيون.
وبيَّنت إحصائيات سابقة أنَّ نحو 1000 صحفي وإعلامي اضطروا إلى النزوح ومغادرة اليمن تفاديًّا لتعرضهم للاختطاف أو القتل، كما حجبت المليشيات أكثر من 280 موقعًا ووكالة وشبكة إخبارية محلية، مع استنساخ بعضها بمواقع بديلة تنفّذ من خلالها سياساتها وحملاتها التحريضية.
ومنذ إحكام سيطرة المليشيات على صنعاء على وجه التحديد، ارتكبت أبشع الجرائم والانتهاكات بحق الحريات الصحفية كالاعتداء والقتل والتهديد والاختطاف والنهب والفصل عن العمل.
كما برزت آلة إعلامية تدعم المليشيات، إلا أنّ هذه الاستراتيجية الإعلامية والدعائية للحوثيين حملت بصمات واضحة من "حزب الله" الذي احتضن الماكينة الإعلامية للحوثيين من قنوات "المسيرة" و"الساحات" التابعة لتيار يساري يمني مناصر للمليشيات، وغيرها من القنوات والمواقع الإخبارية.
ولا يكتفي حزب الله بتقديم الدعم اللوجستي من خبرات ومقاتلين ومدرّبين للمليشيات الحوثية، بل حوّل معقله الحزبي في ضاحية بيروت الجنوبية إلى "حصن إعلامي" ومنصة لإدارة الماكينة الإعلامية للحوثيين لدعم محورهم في اليمن ومهاجمة التحالف العربي.
وتعتمد وسائل الإعلام الحوثية على الصبغة الدينية، ولا تكفّ عن الحديث عن "المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية"، وما تُسميه "التواطؤ العربي".
وفي 2011، أنشأت مليشيا الحوثي قناة "المسيرة" كوسيلة إعلامية رسمية باسمها، تبثّ من الضاحية الجنوبية، وتضمّ طاقمًا إعلاميًّا وميدانيًّا معظمه لبناني، إلا أن المودعين أي المموّلين يمنيون، وتستفيد من القمر الصناعي الخاص بـ"تلفزيون المنار" التابع لـ"حزب الله" للبثّ.
وبعد عامين على إنشاء قناة "المسيرة"، أطلق الحوثيون في العام 2013 قناة "الساحات" الإخبارية،وتعاقب عدد من المديرين على القناة التي جرى إطلاقها رسميًّل من العاصمة اللبنانية في يوليو 2013، إلا أنهم استقالوا بسبب ملف الفساد الذي ظل يضرب القناة منذ انطلاقها.
ولا يقتصر دعم "حزب الله" على احتضان الشبكات الإعلامية التابعة للحوثيين، بل يمتد إلى تدريب العاملين في القطاع الإعلامي، لا سيما ما يُعرف بـ"الإعلام الحربي" من خلال إخضاعهم لدورات وتخريجهم لاحقًا.
و"الإعلام الحربي" تسمية إيرانية للإعلام العسكري، ظهر في بؤر الصراع التي تقودها إيران في العراق، سوريا، لبنان واليمن، تستعرض من خلاله صورًا وفيديوهات لعملياتها العسكرية بطريقة حماسية وتعبوية.