2019.. عام صعود الانتقالي وانحدار مؤشرات الحوثي والإصلاح
رأي المشهد العربي
مرت الأزمة اليمنية في العام 2019 بالعديد من التقلبات التي غيرت في موازين التحالفات والقوى، غير أن الأبرز هذا العام يتمثل في الاعتراف الدولي بالمجلس الانتقالي الجنوبي ومشاركته كطرف أساسي في اتفاق الرياض الذي جرى توقعيه في العاصمة السعودية بالخامس من نوفمبر الماضي.
إذا نظرنا إلى النجاحات التي حققها الانتقالي الجنوبي في هذا العام فإنها تعد الأكثر فاعلية والأكثر تأثيراً على مجريات الأزمة اليمنية التي قد تجد طريقاً للحل في العام الجديد، فالانتقالي بدأ بإعادة ترتيب أوراقه السياسية والعسكرية وقدم الدعم للقوات الجنوبية والأحزمة الأمنية باعتبارهما ذراعي حماية الجنوب من الاحتلال.
ومن ثم انتقل الأمر إلى تنشيط الجبهة الدبلوماسية، وأضحى الرئيس عيدروس الزُبيدي أول طرف جنوبي منذ العام 1994 تتم دعوته رسميا لدى خارجية دولة عظمى (روسيا) وهو يحمل ويمثل جوهر قضية الجنوب ويطرحها على طاولة البحث كحقيقة وحق لا يقبل إلا التعاطي معه، وتعد زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو وبريطانيا خلال شهر مارس الماضي أول بوادر الحضور القوي للانتقالي الجنوبي على الساحة الدولية.
لم يكتفي الانتقالي الجنوبي بالتحركات الدبلوماسية فحسب بل أنه حقق نجاحات عسكرية داخلية ساهمت في تغيير موازن القوى، وذلك بعد أن استطاعت القوات المسلحة الجنوبية طرد العناصر الإرهابية من العاصمة عدن في شهر أغسطس الماضي، وتصدت "لغزو الشمال الثالث"، وأفشلت مخططات إخضاع الجنوب للتنظيمات الإرهابية مرة أخرى.
كما أن الانتقالي الجنوبي قدم جميع أنواع الدعم للقوات الجنوبية المرابطة على جبهات الضالع وبفضل تلك المساندة وبسالة أبناء الجنوب لم تستطع المليشيات الحوثية أن تحقق أي انتصارات تذكر في تلك المنطقة منذ عام تقريباً، بل أن مظاهر الهزيمة النفسية ظهرت عليها جراء الخسائر اليومية الفادحة التي تلقتها في تلك الجبهة.
قوة المجلس الانتقالي جعلته طرفاً فاعلاً في الأزمة اليمنية بل أنه أضحى الطرف الأكثر دعما لجهود التحالف العربي لإنهاء الانقلاب الحوثي وحل الأزمة بشكل عام، وفي المقابل فإن مليشيات الإصلاح الإخوانية التي تهيمن على الشرعية كانت ترى أنه لا أحد ينافسها وأنها تستحوذ على التركة بمفردها.
غير أن التوصل لاتفاق الرياض أنهى جزءاً كبيراً من تلك الهيمنة حتى وإن لم يجري تطبيقه على أرض الواقع، لأن الشرعية أضحت أمام العالم أجمع لا تلتزم بعهودها وقد تتحول إلى طرف منبوذ دولياً بفعل علاقاتها مع قوى إقليمية معروفة بدعمها للتنظيمات الإرهابية، وهو الأمر الذي جعلها تخرج من إطار مساندتها للتحالف العربي إلى المعسكر الآخر الذي يضم قطر وتركيا وإيران، وإن كان ذلك يجري بصورة غير علنية لكن تحركات مليشياتها على الأرض تؤشر على ذلك.
وبالنسبة للمليشيات الحوثية فإنها أضحت تدرك أن موازين القوى العسكرية بينها وبين المجلس الانتقالي الجنوبي تصب في صالح الأخير، وبالتالي فإنها ذهبت باتجاه التحالف العلني مع مليشيات الإصلاح من أجل إنقاذ نفسها ومحاولة الحصول على أكبر قدر من المكاسب، وهي خطوة تبرهن على أن الدعم الإيراني لها أضحى غير كافياً وأنها تعرضت لأزمات ونكبات داخلية عدة ستكون بحاجة إلى إعادة ترميمها الفترة المقبلة.