إخوان في الرضاعة الحربية
د. عيدروس النقيب
بعيدا عن مصرع قاسم سليماني والنزاع الأمريكي الإيراني سأتوقف عند التداعيات الحربية التي تشهدها مناطق جنوبية في الضالع وشبوة وأبين ولحج، ولا شك أن مناطق أخرى مرشحة لتداعيات مشابهة.
في الضالع ما تزال الاعتداءات الحوثية متواصلة على أبناء محافظة الضالع ومنها الاعتداء على ملعب نادي الصمود حيث كان يقام حفل تخرج دفعة جديدة من المقاتلين، وأنا ممن دعوا ويدعون إلى التوقف عن هذه الاحتفالات التي يستثمرها الاعداء لقتل المقاتلين الذين يحتفل بتخرجهم، وتلى ذلك الاعتداء على أحد ألوية المقاومة في معسكر الصدرين بمريس ولم يتصد لتلك الأعمال الإجرامية سوى الرجال المقاومين من المواطنين بعد أن سلمت قيادات الشرعية معسكراتها وأسلحتها لمن كانت تسميهم أعدائها، وذهب القادة ليتمموا في العاصمة صنعاء.
تتزامن هذه الاعتداءات وما تشكله من تهديد للناس والأرض والمستقبل مع الأعمال العدوانية التي تشنها القوات التابعة للتجمع اليمني للإصلاح في مناطق مختلفة من محافظة شبوة وأبين، تحت اسم "الجيش الوطني" و"القوات الشرعية" وفي حقيقة الأمر أن هذه القوات لا علاقة لها لا بالشرعية ولا بالوطنية، ولو كانت كذلك لحررت ولو عدة أمتار من مئات المديريات التي يسيبطر عليها الحوثي، ولو كانت كذلك لاتجهت من معسكراتها باتجاه عقبة ثرة ومديرية مكيراس حيث يخيم أصدقاء إيران.
العدوان الإصلاحي الحوثي على المناطق الجنوبية يمثل اتفاقا في مشاريع الإخوان والحوثيين وتوافقا في الوسائل والأهداف، دعك من أساطير النزاع وخرافات العداء بين المشروعين التي لم تعد تنطلي على أحد بعد أن ثبت أن الطرفين يتبادلان المواقع والأسلحة ويتقاسمان الأسر والمناطق حيث يكون الأب مع الشرعية والابن مع الحوثي أو الأخ الأكبر مع الحوثي والإخوان الأصغر مع الشرعية، وحينما يكون الشيخ الكبير مع الشرعية ويكلف أتباعه من صغار المشائخ للعمل مع الحوثي وحينما يكون زعيم الحزب ونصف قيادته مستشارين لدى رئيس الجمهورية الشرعي ونصف الهيئة القيادية يتعاطون القات في ديوان الحوثي ويستعطعمون من أمواله ومخازنه وخزائنه.
من المؤسف أن هناك شخصيات إعلامية وسياسية وعسكرية وأكاديمية، تدعي أنها تناصر الشرعية ما تزال تصدق أن الإخوان المسلمين صادقون في صراعهم مع المشروع الحوثي الإيراني، ولا أدري كيف تنطلي عليهم تلك الترهات وكيف يسمحون لأنفسهم أن يروجوا لكذبة الصراع بين الطرفين المتطرفين وكيف يراهنون أن أحد هذين الجناحين المتزمتين سيحترم الالتزامات وسيشرك معه آخرين في تحديد مستقبل البلد بعد تجربة مريرة من الإقصاء والإرهاب والإفتاء بالقتل وممارسته واحتكار صناعة القرار والهيمنة على الموارد ومنها الإغاثات والإعانات بما فيها الأدوية والمواد الغذائية المخصصة للمرضى والجرحى والنازحين والمعدمين.
الذين يراهنون على إنهاك الجنوب والجنوبيين من خلال تفجير الأوضاع في أكثر من جبهة يعتقدون أنهم سيحققون انتصارات بفعل فارق العدة والعتاد، لكنهم لا يعلمون أن من يقاتل من أجل النهب والغنيمة ورفع مستوى المكافأة لا يمكن أن يواجه من يقاتل من أجل العزة والكرامة والحرية وينسون أو يتناسون الآية الكريمة "كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله والله مع الصابرين" .
الذين يقتلون المواطنين ومنهم قادة المقاومة الجنوبية في شبوة، ومعهم الذين ينفذون عملية الاغتيالات الفردية والجماعية ضد قيادات المقاومة والكوادر ورجال الدين الجنوبيين، لا يختلفون عن أولائك الذين يقصفون الميادين والقرى والمعسكرات في محافظة الضالع وعلى حدود الصبيحة وكرش وعقبة ثرة، وكل هذه الأطراف هم إخوان، وإن لم يكونوا إخوان في الأبوين فهم إخوان في الرضاعة الحربية العسكرية وسيكتشفون قريبا كم هم واهمون في ما يظنون وما يفعلون.