خلط الأوراق لعبة تجيدها الشرعية للتهرب من اتفاق الرياض
رأي المشهد العربي
إذا كانت تريد الشرعية بحق مواجهة المليشيات الحوثية الإرهابية انتقاماً من فاجعة مأرب فكان عليها أن تسّرع من وتيرة خطوات تطبيق اتفاق الرياض الذي يضمن توجيه دفة المعارك إلى الشمال لإنهاء الانقلاب الحوثي، غير أن ما يجري حالياً من تحركات منفردة يعد خلطاً لأوراق الاتفاق ويصب بالأساس في صالح المليشيات الحوثية.
تجيد الشرعية لعبة خلط الأوراق وتحقق لها جملة من المكاسب على الأرض وفقاً لتحالفاتها التي بنتها مؤخراً على التعاون مع محور الشر (التركي القطري الإيراني)، بالرغم من تواجد أعضائها في العاصمة السعودية الرياض، وبالتالي فهي تسعى لعدم الوصول إلى النقطة الفاصلة التي تجعلها مضطرة لأن تتخذ مواقف حاسمة مع هذا الطرف أو ذاك، ولعل ذلك ما يترجم الموقف المضطرب في جبهة نهم، بالتوازي مع تصعيدها في حضرموت وشبوة.
كما أن اعتراف وزير الدفاع اليمني، محمد علي المقدشي، بانسحاب قواته من جبهة نهم، وزعمه بأن الانسحاب كان لأهداف تكتيكية لبعض الوحدات العسكرية من بعض المواقع، يبرهن على أن الشرعية لا يشغلها إنهاء الانقلاب الحوثي وإنما هي تسعى فقط للتزييف المستمر الذي يجعلها قادرة على الاستمرار بنجاح في لعبة خلط الأوراق.
لا يصدق عاقل بأن الشرعية جادة في إنهاء الانقلاب الحوثي، لأن ردها على الهجوم الحوثي الأخير على معسكر مأرب جاء ضعيفاً للغاية ولا يتماشى مع حجم الجرم الحوثي، وإذا كانت جادة بالفعل فكان لزاماً عليها أن تحشد قواتها المنتشرة في شبوة وأبين باتجاه جبهة نهم بدلاً من الانسحاب منها، وسط غموض كبير في موقفها.
تصعيد مليشيات الشرعية في أبين وشبوة وحضرموت كشف نواياها الخفية من إنهاء الانقلاب الحوثي، لأنها زعمت أنها تحارب الإرهاب الحوثي بيد بينما اليد الأخرى تعمل لصالح العناصر الإرهابية في الجنوب، في ظل محاولاتها المستميتة لإحداث اختراقات في الجبهات الجنوبية تمكنها من تقسيم السلطة بينها وبين المليشيات المدعومة إيرانيا تحقيقاً لتوافقات إقليمية بين تركيا وإيران وقطر.
من المتوقع أن تستمر الشرعية طويلاً في لعبة خلط الأوراق، لأنها غير ساعية بالأساس إلى تنفيذ اتفاق الرياض، وبالتالي فإنها ستتحجج بأنها في حرب ضروس ضد الإرهاب الحوثي، لكنها في الوقت ذاته لن توقف عملياتها التصعيدية في محافظات الجنوب، وستتمادى في ارتكاب الانتهاكات ضد الأبرياء.
تسعى مليشيات الإخوان الإرهابية المهيمنة على الشرعية إلى توظيف حادث مأرب لصالحها، لأنها بذلك ستكون قد تهّربت من تنفيذ البنود العسكرية التي التزم بها المجلس الانتقالي الجنوبي وبذلت المملكة العربية السعودية جهوداً مكثفة لإنجاحها، وفي المقابل فإنها ستحاول توجيه الرأي العام باتجاه معاركها الوهمية في الشمال لإبعاد الأنظار عن اتفاق الرياض.