الحوثيون والأموال.. غسيلٌ يدر الملايين
في الوقت الذي يعاني فيه ملايين السكان بالمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية من أزمات إنسانية متفاقمة، فإنّ هذا الفصيل الموالي لإيران يتوسّع في الممارسات التي تجلب له مزيدًا من الأموال لتكوين ثروات ضخمة وتمويل الحرب العبثية.
ففي جريمة جديدة تضاف إلى السجل الفتاك لهذه المليشيات، فقد كشف تقرير لجنة خبراء مجلس الأمن الدولي أنَّ الحوثيين يديرون شبكة لغسيل الأموال عبر أحد تجار الأسلحة، والتي يتم مصادرتها من خصومهم لتمويل حربهم على اليمنيين إلى جانب تهريب لأسلحة والنفط.
فريق الخبراء بين في تقريره الذي قدم إلى مجلس الأمن أنّه يبحث أيضًا في التمويل المتعلق بالاتجار غير المشروع بالأسلحة من اليمن وإليها والذي يمكن استخدام إيراداته لصالح الأفراد المدرجين في قائمة العقوبات الدولية أو لتمويل أعمال تهدد السلام والأمن.
وكشف الفريق حالةً من عدم امتثال البنوك لإجراءات تجميد الأصول التي تسمح بالتحويلات من الحسابات المجمدة، وقال إنّه تلقّى معلومات تفيد بأنّ الحوثيين أجبروا البنوك على تحويل الأموال من هذه الحسابات لصالحهم، كما تلقى الفريق معلومات تفيد بأن الحوثيين استولوا على أصول عائلة الرئيس الراحل، علي عبد الله صالح، داخل اليمن، بما في ذلك الحسابات المصرفية، المملوكة لشخصين مدرجين في القائمة
وتستفيد ميليشيا الحوثي من الغياب التام للامتثال الفعال للقوانين لأنه لا يوجد لدى البنك المركزي في العاصمة عدن وحدة تحقيق مالي أو أي نفوذ على البنوك التي تقع مكاتبها الرئيسية تحت سيطرة الحوثيين.
ونبه الفريق إلى أن البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين لم يتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على سلامة النظام المصرفي، وقال إنّ هذا قد يؤدي إلى زيادة تهديد مصداقية البنوك خاصة لجهة الدفع الخارجي للواردات والمساعدة الإنسانية في شكل تحويلات نقدية وكذلك التحويلات المالية.
وبحسب التقرير، فإنّ المسؤول الرئيسي في الشبكة هو صالح مسفر الشاعر الذي ذُكر أنه تاجر أسلحة للحوثيين قبل 2014 وأنه على صلات وثيقة بعبدالملك الحوثي، وفي 15 سبتمبر 2018 تم تعيينه قائداً لهيئة الدعم اللوجستي العسكري وكذلك الحارس القضائي للأموال والأصول عبد الله عباس جحاف الذي قتل في فبراير 2019 على أيدي التحالف في غارة جوية أثناء القتال في منطقة حجور بمحافظة حجة.
وقد استخدم شبكة مقرها صنعاء تضم أفرادًا لعبوا دورًا هامًا من خلال تنظيم اعتقال أصحاب البنوك والمديرين والموظفين.
ولاحظ الفريق طريقة عمل تستند إلى الابتزاز والتخويف والاعتقال غير القانوني لمديري الشركات ومديري البنوك، مع تهديدهم باتهامهم بالتعاون والتجسس لصالح التحالف ما لم يمتثلوا لأوامر الحارس القضائي.
ومن خلال واردات الوقود، واصل الفريق التحقيق في حالات واردات الوقود الممولة من مصادر خارجية، مما قد يخلق عائدات لعناصر الحوثي.
منذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، عمل هذا الفصيل على تعزيز أرباحه وموارده على النحو الذي يُمكّنه من تعزيز ثرواته وبالتالي تمويل عملياتها الإرهابية.
فعلى مدار السنوات الماضية، نفّذت مليشيا الحوثي حزمة من الإجراءات لتعزيز مواردها، معتمدةً على لجان اقتصادية مهمتها، تقديم الأفكار والمقترحات والدراسات لخلق موارد مالية جديدة متاحة وقابلة للتنفيذ بشكل مباشرة.
وفي العام الماضي، وبينما يعاني ملايين السكان من أزمات إنسانية بشعة، استطاعت مليشيا الحوثي جني أكثر من تريليوني ريال، غالبيتها لم تقيد في سجلات وزارة المالية والحسابات القومية، وذهبت لحسابات خاصة.
وكلَّفت المليشيات لجانًا اقتصادية لوضع دراسات ومقترحات لإيجاد موارد مالية، تحل محل إيرادات النفط والغاز، والمنح والقروض الخارجية، على أن تكون قابلة للتطبيق، وهو ما تم تنفيذه خلال السنوات الماضية.
ومكتب زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي، وبإشراف مهدي المشاط رئيس ما يُسمى المجلس السياسي، هو من شكل هذه اللجان في الوزارات والمؤسسات والهيئات والمصالح الإيرادية، من موظفين يعملون في الجهات ذاتها، وقدموا دراسات ومقترحات، اطلع ووافق عليها زعيم الميليشيا شخصيًّا وطُبقت بحذافيرها، وتهدف هذه اللجان الاقتصادية إلى تمكين المليشيات الحوثية من أكبر موارد عمومية.
ومن بين الأفكار والمقترحات التي قدمتها اللجان الاقتصادية وتم تنفيذها، فتح الملفات الضريبية القديمة للسنوات الماضية للتجار، وتعديل قانوني الضرائب والزكاة، ورفع الضرائب على خدمات الاتصالات، وتحصيل الضريبة العقارية للسنوات الماضية، وفرض ضرائب على المنظمات.
واقترحت اللجان ربط الصناديق الإيرادية بالمجلس السياسي مباشرة، واستحداث نقاط جمارك برية في مداخل صنعاء، وجمركة السيارات التي تم جمركتها في مناطق الشرعية، ومصادرة أموال الشخصيات السياسية والاجتماعية التي غادرت صنعاء إلى الخارج.
ومن مقترحات اللجان الاقتصادية المنفذة، أخذ نسب على بيع وشراء الأراضي الخاصة، ونسب من أرباح القطاع المصرفي، وأخذ نسب من رسوم الحوالات الداخلية، وتعداد المناسبات لحشد تبرعات شهرية تحت مسميات عدة منها مسمى المجهود الحربي، وتجميد الإنفاق على الخدمات العامة بشكل كامل، وتسليمها لتجار مقابل نسب تعود للمليشيات، وتأجير واستثمار أصول وعقارات الدولة وممتلكات الأوقاف.