مياه عدن.. صنابير الشرعية التي تدر أمراضًا قاتلة
بعدما تمّ الكشف عن زلزال من الفساد يهز مؤسسة المياه بالعاصمة عدن، عادت الأزمة إلى الواجهة من جديد إثر تحذيرات من مخاطر المياه على صحة المواطنين، على النحو الذي يكشف إهمال حكومة الشرعية وتلاعبها بأمن الجنوبيين حياتيًّا.
الدراسة التي أعدها عدد من الأكاديميين في جامعة عدن، حذَّرت من ارتفاع نسبة الفلور في مياه الشرب الواصلة إلى المنازل في عدن.
وقالت الدراسة إنّ المشكلات الناجمة عن ارتفاع نسبة الفلور لا يقتصر ضررها على الأسنان وإنما يصل ضررها للإصابة بأمراض عديدة منها كسور العظام، وأمراض الكلى، والصداع المزمن، واضطرابات الهضم، ومشاكل نمو الأطفال ذهنيًّا.
ولوحظ ازدياد تركيز الفلور في المياه الجوفية، حيث كشفت الدراسة المبدئية الحديثة التي أجريت في نهاية العام الماضي لنسبة الفلور في المياه الواصلة عبر أنابيب مياه الشرب المنزلية في مدينة عدن أنّ معدلات الفلور كانت مرتفعة جدًا، إذ تصل في أقصاها إلى معدل 3.67 مليجرام /للتر الواحد من المياه وفي أدناها تصل إلى 1.17 مليجرام للتر المياه.
وأوضحت الدراسة أنّه وفق المتوسط السحابي لتلك السنبة يعد ذك المعدل يفوق النسبة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية التي حددت بألا يتعدى نسبة الفلور لـ 1.5 مليجرام للتر من المياه.
وحذرت الدراسة من ارتفاع النسبة وأنها تشكل خطرًا كبيرًا على صحة الأسنان والعظام لا سيّما إذا نُظر بعين الاعتبار أنّ المواطن في عدن يتناول الفلور من مصادر الأخرى كالتي يتناولها من استخدام معجون الأسنان، وملح الطعام، والشاي وغيرها من المأكولات الغنية بالفلور والتي تتعاطى بشكل يومي.
تبرهن هذه الدراسة على حجم الإهمال الذي تمارسه حكومة الشرعية التي تحتل العاصمة عدن إداريًّا وتسيطر على مؤسساتها الخدمية، ضمن مخطط إخواني يستهدف التنغيص على الجنوبيين وافتعال الأزمات الحياتية أمامهم.
ومؤسسة المياه والصرف الصحي بالعاصمة عدن عنوانٌ صريحٌ لحجم الفساد الذي تمارسه حكومة الشرعية على صعيد واسع، وهو ما أثر عن مشكلات جسيمة في هذا القطاع، طالت آثارها سكان العاصمة.
وهناك الكثير من المشكلات في مؤسسة المياه، والتي تنجم عن الفساد المستمر لقادة المؤسسة، وسبق أن وُجِّهت اتهامات لمدير المؤسسة بعقد صفقات عديدة مشبوهة واستخدامها لأغراضه الشخصية.
وكثيرًا ما قدّم سكان العاصمة شكاوى عديدة بشأن انقطاع متكرر للمياه في العاصمة عدن، وقد تحدَّث نشطاءٌ لـ"المشهد العربي"، في وقتٍ سابق، عن أنّ العديد من السكان يضطرون لشراء المياه من حافلات متنقّلة تبيعها بأسعار مرتفعة للغاية.
وتؤكّد مصادر حقوقية ورقابية أنّ عجزًا كبيرًا لا سيّما فيما يتعلق بالصعيد المالي يسيطر على المؤسسة العامة للمياه على مدار سنوات.
وبينما تقول مؤسسة المياه إنّها تعمل على تحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين، فإنّ خطوات فعلية لم تُجرَ على أرض الواقع من أجل تغيير هذا الوضع وتوفير احتياجات الناس الأساسية.
اللافت أنّه في ظل العجز المالي في مؤسسة المياه، وهو ما يصل إلى نحو عشرة مليارات ريال حسبما أعلنت في وقتٍ سابق، ما يؤدي بدوره إلى عواقب صعبة على حياة المواطنين، فإنّ فسادًا ينخر في عظام هذه المؤسسة.
وسبق أن نشر "المشهد العربي" تفاصيل قضية فساد في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالعاصمة عدن، تمّ على إثرها سرقة 130 ألف دولار، استنادًا إلى معلومات تمّ الحصول عليها من المحامي والناشط الحقوقي أكرم الشاطري، الذي تحدّث عن قضية فساد المضخات وملحقاتها (عدد ٣٥) في مياه عدن والتي تبين تورط كل من (أ. س)، و(ف. ا) و(ز. ا) و(و. ب) التي بلغ حجم الفساد فيها ما يقارب 300 ألف دولار إضافةً لتعيين المتهم الثاني قائمًا بأعمال المدير العام مقابل موافقته على الصفقة واستقالة (ع. ا) بسبب رفضه لتمرير الصفقة وعدم موافقته ورضوخه لضغوطات المحافظ سالمين لقبول مضخات مؤسسة أبو الرجال رغم عدم مطابقتها للمواصفات، وبعد مراجعة بعض الوثائق الخاصة بمناقصة توريد محول ٣٣/١١ ك.ف ٥ ميجا فولت أمبير تفاجئنا بوجود قضية فساد أخرى تورط فيها المهندس فتحي السقاف في يناير ٢٠١٩ بمبلغ ١٣٠ ألف دولار".
مشكلة احتراق المحول الخاص بحقل بئر أحمد تعود إلى يونيو ٢٠١٨ ونتج عنها أزمة في تشغيل الحقل بشكل كامل، وهو ما انعكس على كمية المياه المنتجة من الحقل، كما تضرَّرت أغلب مديريات العاصمة عدن من شح الماء وعدم قدرة المؤسسة على تموينها بشكل كافٍ.
هذا الحال الخدمي المتردي بالعاصمة عدن في قطاع المياه، تزامن كذلك مع تحذيرات من ظلام دامس تغرق فيه عدن يوم الاثنين المقبل.
وحصل "المشهد العربي" على وثيقة صادرة عن مجموعة السعدي التجارية وشركات المكلاء والأهرام والعليا، موجهة إلى مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء عبد القادر أحمد عبيد، ومدير عام كهرباء عدن مجيب حازم الشعبي، تؤكد أنّ العاصمة عدن ستتعرض لظلام دامس، نتيجة انتهاء عقود تأجير طاقة كهربائية بقدرة 175 ميجاوات، وعدم سداد المستحقات المالية المترتبة عنها.
وأشارت الوثيقة إلى مذكرة سابقة وُجِّهت مطلع سبتمبر الماضي، الخاصة بموعد انتهاء الفترة التعاقدية لاستئجار طاقة كهربائية بقدرة 175 ميجاوات بين المؤسسة العامة للكهرباء وشركات تأجير الطاقة التي تنتهي فعليًّا في 30 سبتمبر المقبل كما هو محدد في تجديدات العقود.
وقالت الوثيقة إنَّ الشركات استوفت الشروط التعاقدية ونفّذت ما عليها من التزامات، في حين أنّ المؤسّسة العامة للكهرباء لم تقم بسداد المستحقات المالية لها منذ أكتوبر 2018 حتى الآن بالمخالفة للالتزام التعاقدي.