تطرف واحد لأقنعة تتغير.. قراءة موسعة في إرهاب الإصلاح
بنفس القدر الذي يتحمله الحوثيون في إطالة أمد الحرب، فإنّ حزب الإصلاح الإخواني المخترق لحكومة الشرعية يتحمل هو الآخر جانبًا رئيسًا في المسؤولية بعدما عبّر عن تطرفه على أسوأ وجه.
تقرير غربي فضح إرهاب الإخوان، حيث نشر مركز الأبحاث الأوروبي، المختص بالدراسات الراديكالية، تقريرًا حول تطرف حزب الإصلاح وإرهابه، وقال إنّ جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية الأخرى يتبادلون الأقنعة ذاتها بحسب ضرورات الزمان والمكان، لكنهم يجتمعون في كونهم وجهًا شريرًا واحدًا يحول دون مستقبل مشرق.
ويقول التقرير إنّه لطالما أعلن حزب الإصلاح منذ العام 2013 أنه ليس لديه أي انتماء لجماعة الإخوان المسلمين، بيد أن الحقائق تشير إلى تاريخ طويل ومعقد من الارتباط بين الجماعتين وجماعات متطرفة أخرى، ما يجعل حزب الإصلاح يلعب دورًا أساسيًّا في زعزعة استقرار اليمن على مدى عقود من الزمن، الأمر الذي لا يثقل كاهل الشعب، ويزيد النفور العام، ويقود كل الجهود الخارجية الرامية لحل الصراع إلى طرقٍ مسدودة.
ويضيف أنّ جماعة الإخوان برزت لأول مرة في اليمن في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، عندما قاد عبد المجيد الزنداني مجموعة من رجال الدين لإنشاء نظام تعليم ديني، إذ كانت تلك المدارس أو ما أُطلق عليها "المعاهد العلمية" تحاكي نظام المدارس الدينية في أفغانستان وباكستان.
ويكشف التقرير أنّ عبدالمجيد الزنداني، يُعد أحد أكثر الأسماء القيادية في حزب الإصلاح التي ربطت الحزب بأعمال عنف وجماعات دينية متطرفة أو إرهابية أخرى.
وتم تصنيف الزنداني كإرهابي في العام 2004 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وبحسب وزارة الخزانة الأمريكية، فإن لدى الولايات المتحدة أدلة أن الزنداني يدعم الإرهابيين والمنظمات الإرهابية، كما كان له دور فعّل في معسكرات تدريب تنظيم القاعدة، وقد لعب دورًا رئيسيًّا في شراء الأسلحة نيابة عن القاعدة والإرهابيين الآخرين.
ويذكر التقرير أنّ من بين الحوادث الشهيرة التي ترتبط - بشكل معقد ومتداخل - باسم الزنداني وحزب الإصلاح والمنظمات الإرهابية، حادث تفجير المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" في جنوب اليمن التي راح ضحيتها 17 بحارًا أمريكيًّا في العام 2000.
وبحسب صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، قال حمود الهتار القاضي في المحكمة اليمنية العليا حينها: "الأشخاص المشتبه بهم في قضية (المدمرة) قالوا إنهم تصرفوا وفق فتوى للشيخ عبد المجيد".
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يكون فيها الزنداني وحزبه ملهمين أو محرضين على العنف، ففي العام 2010، هدد بإعلان الجهاد ضد القوات الأمريكية، إذا أرسلت قواتها لمحاربة الإرهاب في اليمن، كما اشتهر الزنداني كونه أحد أبرز القادة الروحيين لأسامة بن لادن.
كما أسَّس الزنداني المعاهد العلمية في الستينيات والسبعينيات، وقام أيضًا بتأسيس جامعة الإيمان في صنعاء مطلع التسعينيات، وقد تم الاشتباه في كثير من طلاب هذه الجامعة أو اعتقالهم على خلفية أنشطة إرهابية، فعلى سبيل المثال تلقى الأمريكي المسلم جون ووكر ليند دروسًا في جامعة الإيمان في نهاية التسعينيات، قبل أن يلقى عليه القبض في أفغانستان كمقاتل إلى جانب طالبان.
وأشار التقرير إلى أنّ عبد الوهاب الديلمي، الذي شغل منصب مدير جامعة الإيمان التي أسسها الزنداني لعشر سنوات، قد اشتهر عنه فتوى التحريض على قتل الجنوبيين في سنة 1994.
وبحسب التقرير، فإنّه الإرهابي علي محسن الأحمر استطاع في السنوات الماضية، توطيد علاقاته مع المتطرفين والمقاتلين الذين تم ربطهم فيما بعد بأنشطة إرهابية داخل اليمن، ومذ ذلك الحين اعتقد الأمريكيون بجدية ارتباط محسن الأحمر بجماعات إرهابية.
ويرى التقرير أنّ حزب الإصلاح، لا يلعب دوره ككيان سياسي أو تجمع لمصالح قبلية محلية فحسب، بل ينخرط عالميًّا في أنشطة خيرية مشبوهة، ففي العام 2004 مثلا، اتهم المدعون العامون الفيدراليون في نيويورك فرع الجمعية الخيرية للرعاية الاجتماعية في الولايات المتحدة بالعمل كواجهة لتنظيم القاعدة.
تُضاف كل هذه المعلومات الخطيرة إلى سيل من طويل من الفضائح التي تنهال على حزب الإصلاح، بعدما افتضح أمر إرهابه وعلاقاته المتشعبة مع الجماعات المتطرفة على صعيد واسع.
يؤكّد كل ذلك أنّ النفوذ الإخواني المتصاعد في مجريات المشهد الراهن يحمل تعقيدًا كبيرًا للأمور، ويستلزم العمل بشكل فوري على استئصال نفوذ هذا الفصيل الإرهابي للتصدي لكل هذا العبث الراهن.
وكانت الضربة الأمريكية التي قضت على زعيم تنظيم القاعدة باليمن قاسم الريمي قبل أيام فاضحةً لإرهاب "إخوان الشرعية".
وقتل الريمي في ضربة أمريكية نفّذتها طائرة بدون طيار في محافظة مأرب، ليتحول الريمي إلى أشلاء، كانت شاهدةً على أنّ المحافظة الخاضعة لسيطرة المليشيات الإخوانية أصبحت مرتعًا للتنظيمات الإرهابية وعناصرها التي تعيث في الأرض قتلًا وإرهابًا.
علاقة حزب الإصلاح بالتنظيمات الإرهابية فُضح أمرها على أكثر من جبهة، ولعل أحدثها ظهور التنظيمات الإرهابية في جبال وشعاب مديرية المحفد، بعدما عملت المليشيات الإخوانية على حشد عناصر إرهابية تابعة لها باتجاه محافظات الجنوب للتمركز فيها وتنفيذ مخططات وأجندات إرهابية.
ويقوم حزب الإصلاح الإخواني بتمويل هذه الجماعات بالمؤن والغذاء والأموال والسلاح، وقد ظهر جليًّا في تعاونه المباشر مع تنظيم القاعدة، من خلال مشاركة هذه المليشيات في مهاجمة القوات الجنوبية في كثير من مناطق المحفد وتهيئة الظروف لعناصرها الإرهابية.
كل هذه الفضائح التي تنهال على حزب الإصلاح الإخواني تكشف عن الوجه الحقيقي لهذا الفصيل المُختَرِق لحكومة الشرعية، وأنّه سيظل على مدار الوقت سرطانٌ خبيث ينهش في عظام التحالف العربي، ضمن مخطط ترعاه وتنسقه دولة قطر لتفكيك التحالف.
الفترة المقبلة تُلزم بالكثير من التغييرات التي يجب طرحها على المشهد، لعل أهمها وأكثرها إلحاحًا هو استئصال نفوذ حزب الإصلاح وإنهاء سيطرته على أي منطقة أو محافظة تخضع له، وهو خطوة أولى على مسار مهم، يتمثّل في محاربة التنظيمات الإرهابية ومن تمثّل حاضنة لها.