انسحاب بنكهة التواطؤ.. الأمم المتحدة تسلم الحديدة إلى المليشيات الحوثية
سحبت الأمم المتحدة فريق المراقبين التابعين لها في الحديدة بصورة مفاجئة، أمس السبت، من دون أن تنسق مع التحالف العربي الذي كان قد تمديد هدنته لمدة شهر في اليمن، أو من دون التشاور مع القوات المشتركة التي تخوض معارك ضارية ضد المليشيات الحوثية في الساحل الغربي، وهو ما يشي بأن الانسحاب الذي جاء لأسباب صحي تحسباً لانتشار فيروس كورونا يحمل في ثناياه شكل من أشكال التواطؤ مع العناصر المدعومة من إيران.
وكشف الناطق الرسمي باسم القوّات المشتركة في الساحل الغربي وضّاح الدبيش في تصريحات صحافية سابقة عن مغادرة معظم أعضاء البعثة الأممية خلال الأيام الماضية، مشيرا إلى بقاء ثمانية أعضاء فقط من الفريق من بينهم رئيسه.
واعتبر مراقبون أن تغيير الأمم المتحدة لآلية عمل فريق مراقبيها في الحديدة قد يكون في شقه السياسي تعبيرا عن حالة الإحباط الأممية من فشل هذا الفريق في تثبيت وقف إطلاق النار، والدفع باتجاه تنفيذ اتفاق السويد.
وشهدت محافظة الحديدة تدهورا مستمرا لوقف إطلاق النار وتصاعدا في وتيرة المواجهات والخروقات والتي بلغت ذروتها بعد إعلان الحكومة اليمنية مقتل العقيد محمد الصليحي ضابط الارتباط الحكومي في نقطة المراقبة الخامسة شرق الحديدة جراء مضاعفات إصابته بطلق ناريّ من قبل قناص حوثي في مارس الماضي أثناء أداء عمله.
وتواترت المواقف الحكومية اليمنية المعبّرة عن فشل “اتفاق ستوكهولم” جراء هذا التصعيد الحوثي، حيث وصف رئيس فريق الحكومة اليمنية في لجنة إعادة الانتشار اللواء محمد عيضة الاتفاق الموقع مع الحوثيين بالوهم، معلنا وفاته.
وقال مصدر مطلع إن رئيس البعثة الأممية في الحديدة، الجنرال أبهيجيت جوها، وثمانية من مساعديه انتقلوا إلى مقر البعثة الاممية في مدينة الحديدة، أمس السبت، بعد مغادرة السفينة الأممية مع أعضاء البعثة.
وأضاف المصدر في تصريحات لـ"المشهد العربي"، أن الجنرال أبهيجيت جوها يعمل على إنهاء إقامتهم في المدينة التي كانت وموانئها الثلاثة محور اتفاق ستوكهولم.
وأشار المصدر إلى أن السفينة "حلم أنتاركتيكا"، التي ترفع علم الأمم المتحدة، غادرت الخميس الماضي، ميناء الحديدة مع معظم أفراد البعثة.
واستغلت مليشيا الحوثي هذا الانسحاب وقامت بقصف مواقع القوات المشتركة في مديرية الدريهمي وكيلو 16 في الحديدة، اليوم الأحد، رغم إعلان التحالف العربي تمديد وقف إطلاق النار.
كما استهدفت مليشيا الحوثي اليوم الأحد، القرى ومزارع المواطنين في منطقة الجبلية التابعة لمديرية التحيتا جنوب محافظة الحديدة، وقصفت المليشيات الحوثية، القرى السكنية بمدفعية الهاون الثقيل بشكل عنيف، وفتحت المليشيات أيضا نيران أسلحتها الرشاشة على مزارع المواطنين، وذلك باستخدام الأسلحة الرشاشة المتوسطة.
وكان المتحدّث باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي قد أكد أن قيادة القوات المشتركة للتحالف قرّرت تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر اعتبارا من الخميس الموافق للـ23 من أبريل، بناء على إعلانها السابق بتاريخ الـ8 من أبريل بوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين، وبناءً على طلب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث لإتاحة الفرصة لإحراز التقدم في المفاوضات مع الطّرفين حول وقف إطلاق نار دائم.
وتخشى الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث من انهيار الهدنة في الحديدة التي أعلنت بموجب اتفاقات السويد التي كانت تراهن عليها في بناء نموذج لوقف إطلاق نار شامل في مختلف جبهات اليمن.
وتسبّب انشغال الدول الكبرى الراعية للسلام في اليمن بمواجهة جائحة كورونا في تراجع الاهتمام الدولي بمجريات الحرب في اليمن التي تصاعدت بشكل غير مسبوق في جبهات مأرب والجوف ونهم وصرواح والبيضاء والضالع، في مؤشر على انخفاض مستوى الضغوطات الدولية على مليشيا الحوثي.