حتى لا تتحول قضيتنا إلى كرة نتقاذفها كالأطفال ! ( 2 – 2 )
أحمد عمر بن فريد
يواجه المشروع الوطني الجنوبي المتمثل في التحرير والاستقلال واقامة الدولة الجنوبية المستقلة , الكثير من الصعوبات والمشاكل والمعوقات التي من الطبيعي جدا ان تعترض طريقنا جميعا في هذه المرحلة , البعض منها يعتبر من وجهة نظري مسألة طبيعية لا يمكن الا ان تكون كماهي , والبعض الآخر منها لا تحمل اطرافها موقفا استراتيجيا مضادا بقدر ما تحمل تصورات ” خاصة ” بها تنطلق من مصالحها وفقا للمتغيرات , وكل هذه العوامل المعيقة بالامكان التعامل معها على قاعدة انها جزء من التحدي وطبيعة المعركة , لكن الصعوبة الآخطر في تقديري هي تلك التي تقوم بها بعض الاطراف الجنوبية بعلمها او بدون علما .. بارادتها او بدون ارادتها .والتي تجعل من المجلس الانتقالي الجنوبي هدفا للتصويب المستمر بسهام توجه مباشرة الى قلبه بشتى الوسائل والطرق .. هي تلك الاطراف التي تحمل المجلس كل عيوب وأخطاء العالم وكانما والمجلس اغلق ساحة العمل الوطني عليهم ب ” رقم سري ” بما يؤدي انه من غير الممكن ان يعمل في ساحة العمل الوطني الا هو فقط !
قلنا ونكرر .. بأن المجلس الانتقالي ” مليئ ” بالعيوب والاخطاء .. وانه يصيب تارة ويخطىء تارة أخرى , وانه يعمل وفقا للمتاح امامه في ظل ظرف حرب معقدة سياسيا وعسكريا , يقودها تحالف لم يسجل التاريخ العربي له مثيلا من قبل من حيث قوته وامكانياته وحجم تأثيره السياسي والعسكري , وانه في خضم هذه الحرب التي تحمل عنوانا عريضا يرفعه التحالف امام العالم وهو ” اعادة الشرعية ” يعمل المجلس وفق اجندة سياسية ” معلنة ” لم يتنازل فيها بحرف واحد عن جوهر قضيتنا الوطنية كما ناضلنا من اجلها .
لكن البعض من هؤلاء يريد من التحالف العربي ان يرفع بدلا عنا راية الاستقلال .. وان يتبنى مشروعنا الوطني ” نيابة عنا ” .. ويرى هذا الطرف الجنوبي ان تأهيل ما يعادل من ( 60 الف جندي جنوبي ) ضمن قوات جنوبية خاصة في هذه المرحلة مسألة عادية لا تلفت الانتباه ولا تستحق التمعن ولا تكفي للتذكير بنقيضها تماما وهو أن نظام صنعاء قد احال تقريبا نفس الرقم وهو ( 60 الف جندي ) جنوبي الى التقاعد القسري بعد حرب 1994 م !! .. ما يعني اننا امام معادلة مقلوبة تماما لصالحنا , ولكن مثل هذه الامور لا تكفي للتفاؤل او حتى للشكر, ولا يكفيهم ايضا انه لم يسمح لهذه القوات التي تم بنائها وتأهيلها الا أن تكون ” جنوبية خالصة ” وان النسبة القليلة التي زرعت في اوساطهم من خارج الجنوب لم تأتي بدعم التحالف وارادته وبناء على خططه بقدر ما اتت بفعل تأثير الشرعية ومكرها وبواسطة جنوبيين ايضا !!
كان على هؤلاء ان يسألوا انفسهم : الم يكن بمقدور التحالف ان يبني قوات مشتركة من الجنوبيين ومن ابناء العربية اليمنية ايضا طالما وان الشعار المرفوع هو ” اعادة الشرعية ” وتنفيذ مخرجات حوارهم الوطني وتنفيذ قرارات مجلس الامن !! فلماذا لم يتم ذلك ؟ .. ولماذا كردة فعل تستخدم الشرعية سلاحها الوحيد في اصدار قرارات تستأصل بها قيادات جنوبية من مواقعها التنفيذية داخل الجنوب ؟! نود ان نذكر هؤلاء جميعا في هذه المرحلة الفاصلة الدقيقة وانا ارى فيهم معاول هدم مستمرة انهم يتحملون المسئولية التاريخية في كل ما يمكن ان ينتج عن تأخر او حتى فشل مشروعنا الوطني لا سمح الله , وانا اعلم تماما ان الكثير منهم ينطلق من منطلقات وطنية نقية فيما آخرون وهم قلة قليلة باتوا يتحركون بمنهجية في فلك ” حكومة بن دغر ” ضمن وظائف مهنية تتبنى عمليا تسيير حملة لا تنتهي اعلاميا قوامها التشكيك في كل شيء وزرع كل ما يمكن ان يثبط العزيمة والهمم الوطنية وكل ما يمكن ان ينشر اليأس والاحباط في صفوف الجماهير الجنوبية .
نود ان نذكر هؤلاء ان المشروع الوطني الجنوبي يواجه في هذه المرحلة اكثر من طرف داخلي واقليمي يعمل ضدنا وبجميع امكانياته , ولا ابالغ اذا ما قلت اننا في السابق كنا نواجه طرفا واحدا وهو نظام صنعاء فيما نحن الان نواجه اكثر من طرف , وهي اطراف تتمثل في عدة محاور البعض منها لا تتفق فيما بينها الا في الحرب المشتركة ضد المشروع الجنوبي وضربه والقضاء عليه , والمشكلة ان هذه الأطراف نعلمها جميعا ولكننا ك ” مجموع جنوبي ” نعمل بطريقة تبدو انها تتسق مع جهودهم التدميرية دون ان نشعر .. اليوم نحن نواجه قوى الاحتلال الموجودة في صنعاء , وقوى الاحتلال الموجودة ضن اطار الشرعية وعلى وجه التحديد حزب التجمع اليمني للاصلاح ( جماعة الاخوان المسلمين ) .. ونحن نواجه ايران التي تتخذ من الحوثي حليف استراتيجي لها , ونحن نواجه مشروع الاخوان المسلمين على المستوى الاقليمي الذي يرى في اخوان اليمن وكيل معتمد يجب تنصيبه لحكم ” اليمن الموحد ” ويتمثل هذه المحور في تركيا – قطر .
ونحن نواجه ايضا ” اخطاء التحالف ” التي تكون كارثية في بعض الأحيان , ونواجه تيار جنوبي داخل الشرعية الذي لا يرى في كل المشهد الا ارصدة بنوك يجب ان ترتفع وترتفع مهما كان الثمن , وهو على استعداد لأن يضخ منها فتات الفتات لضرب اي توجه جنوبي او اي حركة وطنية جنوبية بوسائل قذرة تستخدم المناطقية واحياء ذكريات الماضي الأليم لنا كجنوبيين .. كل هذه الأطراف التي نعلم انها تعمل ليل ونهار لتقويض اي تقدم جنوبي , لا تكفي لدينا على الاقل للتوقف عن تقديم المساعدة لها بطريقة لا ارادية كما نشاهد اليوم !
لهذا كله علينا ان ندرك حجم التحدي وان نتعاون معا لا ان ننشغل ببعضنا في مهاترات تجعل منا كما الاطفال الذين يلهون بكرة , وهو حالة قضية الجنوب اليوم في وسط كل هذا العراك الجنوبي