وفيات الصف الأول.. كيف سقط الحوثي في امتحان كورونا؟
أصبحت جائحة كورونا عنوانًا لأزمة مستعرة داخل صفوف الحوثيين، ففي الوقت الذي اخترق فيه الفيروس الصف الأول للمليشيات، فقد كانت هذه الأزمة سببًا في تصاعد الخلافات بين القيادات.
بداية هذا المشهد العبثي كانت مع التعامل الحوثي الخبيث مع الجائحة، حيث مالت المليشيات منذ اليوم الأول لوصول كورونا إلى مناطق سيطرتها إلى إخفاء الحقيقة والتكتم على أعداد المصابين، حتى انتشر الفيروس بين قادة الصف الأول.
الحديث هنا عن معلومات متداولة بقوة، مفادها إصابة وزير الصحة في حكومة المليشيات "غير المعترف بها" طه المتوكل بفيروس كورونا، في وقتٍ دعا فيه قادة بارزون في المليشيات لإقالته بسبب التكتُّم على أعداد الإصابات الحقيقية لا سيّما في محافظة صنعاء.
وسجّل فيروس كورونا حضورًا ملحوظًا بين قادة الصف الأول للمليشيات الحوثية، فإلى جانب المتوكل تمّ الحديث عن إصابة عضو مجلس حكم المليشيات سلطان السامعي، وأنّه عُزِل مع المتوكل في مستشفى خاص بصنعاء.
ونهاية الأسبوع الماضي، تمّ الكشف عن وفاة قيادي حوثي كبير ومسؤول في حكومة المليشيات غير المعترف بها بفيروس كورونا.
وقال مصدر مطلع لـ"المشهد العربي"، إن القيادي الحوثي أحمد دغار، نائب وزير التخطيط في حكومة المليشيات الإرهابية، توفي بفيروس كورونا، وأضاف المصدر أنّ عددًا من القيادات الحوثية تخضع للحجر الصحي نتيجة مخالطة بعض القيادات التي ثبت إصابتها بالفيروس.
قبل ذلك أيضًا، تمّ الكشف عن وفاة القيادي أحمد المؤيد بعد إصابته بالفيروس المستجد، حيث قال مصدر طبي لـ"المشهد العربي" إنّ المؤيد وهو عضو مجلس الشورى التابع للمليشيات وصاحب مستشفى المؤيد توفي جراء إصابته بفيروس "كوفيد 19" بعد أيام من دخوله العناية المركزة.
وأضاف المصدر أنّ المؤيد كان قد خالط عددًا من القيادات الحوثية، موضحا أن القيادات الحوثية الكبيرة وفي إطار إجراءاتها الأمنية المشددة خشية الاغتيال والاستهداف، لا تتردد إلا على مستشفى المؤيد الذي تم تجهيزه بغرف عناية مركزة فائقة.
وأشار إلى أن عددا من القيادات الحوثية ترددت على المستشفى، وخالطت المتوفى، وأن المليشيات طلبت من عدد من القيادات البقاء في الحجر المنزلي.
كما توفي أيضًا مالك مستشفى خاص في صنعاء من أتباع مليشيا الحوثي، وهو الدكتور أحمد الوجيه مالك "مستشفى آزال"، أحد أكبر المستشفيات الخاصة في صنعاء، بعد أسبوعين من إصابته، وبعد أقل من أسبوعين على وفاة المؤيد.
وتعبيرًا على خروج الأمر عن السيطرة، فقد كشفت مصادر طبية أنّ وزير الصحة في حكومة المليشيات وجّه المستشفيات الخاصة لاستقبال حالات الإصابة والاشتباه بفيروس كورونا، بعد امتلاء المستشفيات الحكومية وتلك المملوكة لقيادات في المليشيات أو متعاطفة معها.
التوجيه الحوثي تضمّن أن على المستشفيات الخاصة استقبال جميع الحالات المرضية، بما فيها حالات الإصابة الوبائية، وتقديم الخدمات التشخيصية والعلاجية، كما ألزم المستشفيات الخاصة باستقبال حالات الاشتباه بالإصابة بفيروس "كورونا"، وتوفير غرف عناية مركزة وأسرة خاصة، مع اتخاذ كافة التدابير الاحترازية وتوفير كل المستلزمات اللازمة للعاملين الصحيين الذين يستقبلون الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس.
القرار - وفق مراقبين - سيحول المستشفيات الخاصة التي ألزمت بتدبير وسائل السلامة للعاملين إلى بؤر لنشر الوباء، لأن المصابين سيستخدمون المبنى نفسه، وسيحتاجون لفحوصات مخبرية في المختبرات التي تقدم خدماتها لبقية المرضى.
سقوط الحوثيين في امتحان كورونا أمرٌ لا يثير أي استغراب، فكان المتوقع أن تخرج الأمور سريعًا عن السيطرة في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات، وهذا راجعٌ بالأساس إلى أنّ المليشيات صنعت بيئة صحية شديدة الترهُّل، بعدما أهملت القطاع الطبي على نحو كبير، سواء عبر الاستهداف المباشر أو التضييق على العاملين فيه، أو حتى التسبّب في تفشي أوبئة كانت المنظومة الصحية أقل من القدرة على مواجهتها.