عراقيل العمل الإغاثي.. الحوثي يزرع الأشواك في طريق الإنسانية

الأربعاء 3 يونيو 2020 15:58:59
testus -US

في مؤامرة مفضوحة رمت إلى مضاعفة الأزمة الإنسانية، زرعت المليشيات الحوثية الأشواك في طريق عمل المساعدات الإغاثية، على النحو الذي ضاعف من المأساة.

وتعبيرًا عن بلوغ الأزمة وضعًا شديد الصعوبة، فقد وجّهت منظمات الإغاثة نداءً عاجلًا للحصول على تمويل لدعم عملياتها في اليمن، قائلةً إنّها أجبرت بالفعل على إيقاف بعض عملها حتى مع انتشار فيروس كورونا.

واضطرت نحو 75% من برامج الأمم المتحدة إلى التوقف عن العمل أو الحد من عملياتها، كما اضطر "برنامج الأغذية العالمي" إلى خفض حصص الإعاشة إلى النصف، بينما انخفضت الخدمات الصحية الممولة من الأمم المتحدة في 189 من أصل 369 مستشفى على مستوى اليمن.

من جانبه، صرّحت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي لوكالة "أسوشيتد برس": "يكاد يكون من المستحيل أن تنظر إلى عائلة في وجهها، وأن تنظر إليها في عيونها وتقول: آسفون لكن الطعام الذي تحتاجونه من أجل البقاء يجب أن تقطعوه إلى النصف".

وجاء نقص الأموال للبرامج الإغاثية في اليمن نتيجة لعدة عوامل، ومن بين الأسباب الرئيسية، كما كشفت عنها الوكالة الأمريكية، هي العراقيل التي يضعها الحوثيون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم،
وقد خفضت الولايات المتحدة، وهي أحد أكبر الجهات المانحة، مساعدتها لليمن في وقت سابق من هذا العام، مشيرةً إلى تدخل الحوثيين في توزيع مواد الإغاثة.

وتقول الوكالة إنّ الحوثيين يواجهون كذلك انتقادات شديدة لعدم إفصاحهم عن المعلومات المتعلقة بعدد حالات الإصابة والوفاة بكورونا في المناطق التي يسيطرون عليه ولعدم اتخاذهم أي تدابير للتخفيف من تداعيات الفيروس.

ومن بين البرامج التي تم قطعها في اليمن، الدعم المالي لآلاف العاملين الصحيين، وقالت جراندي إنه قبل أسبوع فقط من الإعلان عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في اليمن، كان على وكالات الإغاثة التوقف عن دفع رواتب العاملين الصحيين.

وبدون رواتب، لن يتمكن الطاقم الطبي من تقديم الخدمات الصحية للمرضى وسط تفشي الوباء.

وتلقت الأمم المتحدة حوالي 3.6 مليار دولار في عام 2019 ضمن التبرعات الدولية لحملتها، وكان ذلك أقل من هدفها البالغ 4.2 مليار دولار، وبالنسبة لخطتها لعام 2020، فقد تلقت حتى الآن 15% فقط من 3.5 مليار دولار المطلوبة.

وفقاً للأمم المتحدة، هناك 10 ملايين شخص على شفا المجاعة، و80% من 30 مليون نسمة بحاجة لمساعدات، ومع انتشار فيروس كورونا، هناك حاجة للمزيد من الأموال.

وتعتقد منظمة الصحة العالمية أن هناك نقصًا كبيرًا في تقدير تفشي كورونا، ما قد يعوق الجهود المبذولة لإدخال الإمدادات اللازمة لاحتواء الفيروس إلى اليمن.

وقال ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي بمنظمة الصحة العالمية، لوكالة "أسوشييتد برس" إنه يعتقد أن الوفيات بالمئات والحالات بالآلاف في اليمن، وذلك بناءً على ما سمعه من العديد من مقدمي الرعاية الصحية هناك، موضحًا أنّ نقص التمويل يعني أن البرامج الصحية للمنظمة معلقة بخيط رفيع.

وكثيرًا ما وجّهت الأمم المتحدة، اتهامات لمليشيا الحوثي الإرهابية بعرقلة الجهود الإغاثية، على النحو الذي يضاعف من الأزمة الإنسانية التي تعتبر الأفدح على مستوى العالم.

وفي أبريل الماضي، تحدّث وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك في إحاطة أمام مجلس الأمن، عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وقال إنّ القيود المفروضة على حركة الموظفين والبضائع في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال تحد من قدرتها الحفاظ على المستويات العالية من المساعدة التي يحتاجها اليمنيون.

وأضاف لوكوك: "في شمال اليمن (مناطق سيطرة الحوثيين) ، لا تزال تحديات الوصول شديدة فالقيود مرهقة للغاية لدرجة أن الوكالات الإنسانية تجبر على معايرة البرامج والتسليم إلى مستويات تصل حد إدارة مخاطر مرتبطة بهذه البيئة غير المتساهلة".

وكشف لوكوك عن أنّ 92 طلبًا من الوكالات الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال معلقة لدى الحوثيين، بما في ذلك 40 طلبًا تنتظر شهورًا للبدء.

واستعرض المسؤول الأممي جملة من الممارسات التعسفية الحوثية لعرقلة الجهود الإنسانية متهما القيادات الحوثية برفض مهام الوكالات بشكل تعسفي ، مؤكدًا أن العاملين في المجال الإنساني لا يزالون يعانون من قيود شديدة على الحركة في الميدان، بما في ذلك خلال الأيام القليلة الماضية، علاوة على تعرض الموظفين لتأخير طويل عند نقاط التفتيش، حتى عندما تكون الأوراق جاهزة.

وأضاف: "في حادثة خطيرة بشكل خاص لم يتم حلها بعد، مُنع موظفو الأمم المتحدة الدوليون في بعض المواقع من الانتقال إلى صنعاء.. هذا أمر غير مقبول".

وتواصل المليشيات الحوثية الموالية لإيران العبث بملف المساعدات الإنسانية، على النحو الذي يضاعف من الأعباء على السكان القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتعبيرًا عن وصول هذه الأزمة إلى حد الابتزاز، فقد هدّد القيادي بالمليشيات محمد علي الحوثي برنامج الغذاء العالمي بعرض فيديوهات عن جلسات مفاوضات بين المليشيات والبرنامج تخص اشتراطات المليشيات تقديم المساعدات نقدا.

ونشر الحوثي، تغريدة على "تويتر"، خيّر فيها البرنامج التابع للأمم المتحدة بين الدفع نقدًا أو عرض الفيديوهات، في ابتزاز أقرب للعمل الاستخباراتي منه للعمل الدبلوماسي.

وقال الحوثي في تغريدته: "إذا لم يبدأ برنامج الغذاء بتنفيذ المرحلة التجريبية لتسليم الكاش متعمدًا ومبررًا بأعذار واهية، فقد يتم انزال الفديوهات الخاصة بهذه الاعذار ونظهر موافقتهم على البنود وحقيقة اختلاق المشاكل التي يعرقلون التنفيذ للمرحلة التجريبية للكاش بها وقد تم اطلاع مسؤولي البرنامج باليمن على الفيديوهات".

وصعدت المليشيات الحوثية من ضغوطاتها على المنظمات الدولية العاملة في اليمن لتسليمها الملفات الإنسانية والاكتفاء بالرقابة، في مسعى لزيادة سيطرتها على المساعدات لصالح الموالين لها، تحت مسميات أسر الشهداء والجرحى، وبأساليب منها فرض ضرائب وتوظيف عناصر تابعين لها في المنظمات.

وتمثل سرقة المساعدات أحد أبشع صنوف الاعتداءات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية الموالية لإيران، حتى خلّفت كثيرًا من المآسي الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ويمكن القول إنّ إعاقة مليشيا الحوثي المساعدات ونهبها جريمة حرب تستوجب المحاكمة من قبل المنظمات الدولية المعنية التي لا تجد أي ضمانات حوثية لوصول المساعدات إلى مستحقيها، ما دفعها للتهديد أكثر من مرة بتخفيض حجم المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.

ومؤخرًا،كشفت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنفتها الأسوأ عالمياً، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.

ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.