معتقلات مليشيا الحوثي في اليمن.. سجون سرية وإعدامات ميدانية

السبت 27 يناير 2018 13:52:00
testus -US
نقلاً عن "الاتحاد" الإماراتية

يعد ملف السجناء والمفقودين والمختطفين قسرياً في السجون الحوثية، سواء السرية أو العلنية منها، من أهم الملفات التي تعكس حجم الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات بحق المواطنين اليمنيين، فسجون المليشيات الحوثية السرية وغير القانونية، في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، بلغت 208 سجون سرية ومعتقلا خارج نطاق القانون.

وأوضح تقرير صادر عن منظمة «سام للحقوق والحريات مقرها في سويسراً، إن القضاء في اليمن لا يشرف على تلك السجون، بل تخضع إلى سلطة الانقلابيين، وإن المنظمة وثقت صنوفاً شتى من التعذيب الجسدي والنفسي ضد المعتقلين، الذين يُحْرَمون من أبسط الحقوق الإنسانية.

خارج نطاق القانون

تعز تعد واحدة من المحافظات اليمنية التي لا تزال تحت سيطرة المليشيات الحوثية، فسجونها تتكدس بالمختطفين من مختلف المديريات، ويعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة، ومعاملة إنسانية سيئة للغاية ويتعرضون للتهديد والابتزاز، إضافة إلى مختطفين من خارج المحافظة يتعرضون لأنواع شتى من التعذيب.

فالتقرير الصادر عن منظمة «حق» للدفاع عن الحقوق والحريات أوضح أن عدد ضحايا الاعتقالات والإخفاء القسري والاختطاف والتعذيب بحق المدنيين في محافظة تعز وضواحيها خلال عامين وثلاثة أشهر بلغ 2700 ضحية اختطاف، و120 ضحية حصيلة الإعدامات الميدانية.

وبين التقرير أن المليشيات تكلف مجموعة من مسلحيهم بالخروج إلى الأسواق وفرض تسليم الاحتياجات على أصحاب المحلات التجارية والمطاعم بمسمى دفع المجهود الحربي، فيما توزع تلك المبالغ التي تبتزها بين المشرفين في المدينة.

وطالبت المنظمة الحكومة اليمنية بفرض سيطرتها وسلطتها الدستورية على المحافظة بشكل كامل وإخضاع الجناة للمحاسبة عن الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين، وإنهاء حالات الاختفاء القسري والكشف عن أماكن وجود آلاف المعتقلين وإطلاق سراحهم فوراً، كما طالبت المنظمة كلاً من وزارة حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان بإيضاح أسباب عدم اتخاذهما إجراءات تحقيق في جميع الجرائم الواردة آنفاً.

سجون تحت الأرض

وأنشأت ميليشيات الحوثي سجوناً سرية تابعة للجماعة بمحافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء، بعيدة عن الرقابة القانونية والحقوقية، ولم يتم دخولها إلا من قبل المشرفين الذين يمارسون التحقيق والتعذيب بحق المختطفين في السجن السري بكلية المجتمع، والتي تقع على بعد 5 كيلو مترات من مدينة ذمار باتجاه الشمال، والتي حولتها المليشيات إلى ثكنات عسكرية، ومخازن للأسلحة، وغرف عمليات، حيث قامت المليشيات بإخلاء المكان من أي مظاهر تدل على تواجدهم فيها، وإغلاق البوابات ببعض الأخشاب، وحولت بعض الغرف التي تحت الأرض إلى معتقلات سرية تابعة لهم، وخصصت المليشيات الانقلابية هذا السجن السري للمختطفين من أبناء تعز والضالع ولحج وأبين وعدن.

حيث ينشط العمل في هذا السجن السري من إدخال المختطفين وإخراجهم وممارسة التحقيق معهم وتعذيبهم في الليل، حيث يعتبر في النهار المكان خالياً تماماً ولا يوجد فيه أحد، سوى رجل مسن يقوم بحراسة البوابة فقط.

محافظة ذمار كغيرها من المحافظات اليمنية التي لا تزال تحت سيطرت المليشيات الحوثية، فقد رصدت منظمة سام أسماء السجون ومراكز الاعتقال وأماكنها، والمتمثلة في معتقل جبل هران بذمار ومعتقل قلعة العامرية رداع ومعتقل الوطية - الملاجم

معتقلات سرية

وأوضح مسؤول الرصد والتوثيق بمنظمة «سام» للرصد والتوثيق توفيق الحميدي لـ «الاتحاد» «أن المعتقلات السرية وغير القانونية تُدار بعيداً عن القضاء وبصورة مخالفة للدستور اليمني والاتفاقيات والمبادئ الدولية، ومنها المعايير المتعلقة بالسجناء وظروف حبسهم الواردة في اتفاقية 1957 الخاصة بمعاملة السجناء، كما تخالف القواعد الأساسية لمعاملة السجناء لعام 1990 والمبادئ الخاصة بحماية كل السجناء الموضوعين تحت أي شكل من أشكال الحبس لعام 1988».

وأشار الحميدي إلى أن منظمة «سام» للرصد والتوثيق رصدت حالات احتجازاً واختفاءً قسرياً خارج نطاق القانون تعرض لها العديد من المدنيين على يد مليشيات الحوثي وقوات صالح في مناطق سيطرتها، وبعض فصائل الحكومة الشرعية في مناطقها، وذلك يستوجب من جميع أطراف الصراع التوقف فوراً عن ممارسة الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي وتعذيب المعتقلين، كما يستوجب عليهم تقديم لائحة بكل مراكز الاحتجاز والكشف عن أسماء المحتجزين حالياً أو الذين لقوا حتفهم خلال الاحتجاز، إضافة إلى ضرورة السماح لذويهم بزيارتهم والاطمئنان عليهم».

وبين توفيق «أن منظمة «سام» رصدت في محافظة الحديدة «24» مركز اعتقال وسجناً تحت سيطرة مليشيا الحوثي، استخدمت المليشيا منازل قيادات سياسية وعسكرية - استولت عليها وحولتها - مقار للاحتجاز والتعذيب، من تلك المنازل منزل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر ومنزل المحافظ ومنازل ومزارع قيادات سياسية».

معتقل نادي الضباط

وفي معتقل نادي ضباط الشرطة بمنطقة الحوك، استُخدم المعتقلون فيه دروعاً بشرية ويمارس فيه التعذيب.. يقول «قاسم»: «سُجنت بنادي الضباط وهناك تعرضت للتعذيب النفسي، وكنا نتناوب ونحن خمسون شخصاً على حمام وحيد، إضافة إلى أن الأكل كان رديئاً، وكانوا يوجهون إلينا اتهامات بأننا دواعش وعملاء للأميركيين وبعد عشرة أيام من الاعتقال تم الإفراج عني».

بينما بلغ عدد المراكز في محافظة إب أكثر من «27» مركز اعتقال كانت مدارس ومنازل ومساجد ودور تحفيظ للقرآن حولتها جماعة الحوثي إلى مراكز اعتقال تمارس فيها التعذيب ضد المدنيين، من أشهرها في المحافظة منازل الشيخ على مسعد بدير التي تحولت إلى سجون خاصة، من أبرزها المنزل الذي في حارة الدرم بجوار اللواء 55 حرس الجمهوري وهو منزل كبير مكون من طابقين ومؤلف من غرف كثيرة ويُعد سجناً خاصاً لحالات الاعتقال، وتستخدم إحدى الغرف كمركز عمليات للحوثيين، وقابلت «سام» عدداً من الضحايا الذين سجنوا هناك وتعرضوا فيه للتعذيب، كذلك منزل آخر للشيخ علي مسعد بدير يقع قريباً من مفرق الضالع وسط سوق يريم، يستخدمه الحوثيون مركزاً للاعتقال والتعذيب.

ويقول الناشط الحقوقي والإعلامي من محافظة إب «ف. أ. م»: «المليشيات هي المسيطرة على كل أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة الأمنية بالمحافظة، فيتم سجن كل المختطفين بالسجون التابعة للدولة لكون المحافظة تقع تحت سيطرتهم، وتشكيل لجان سريه للتحقيق مع المختطفين وتعذيبهم وابتزازهم وبعدها بفترة قد تصل إلى شهرين أو أكثر يتم إبلاغ ذويهم بمكان وجودهم، فهناك أفراد تم حبسهم في السجن المركزي بعد أن تم ضبطهم في نقاط تابعة لـ«أنصار الله» في مناطق حدودية بالبيضاء ومأرب، بعد أن ذهبوا للعمل إلى مأرب فاشتبهوا بهم على أنهم ذاهبون للمشاركة للقتال ضدهم».

معتقلات محافظة حجة

أما في محافظة حجة فقد استحدثت مليشيا الحوثي العديد من مراكز الاعتقال منها إدارة التربية والتعليم - مبنى قديم استخدمه الأئمة كمعتقل لرجال الثورة في الفترة قبل عام 1962 - ويُحتجز فيه اليوم العديد من المدنيين، ومعهد الإصلاح في المدينة، حيث كان معهداً للتدريب والتأهيل وتم تحويله من قبل مليشيات الحوثي إلى معتقل بعد الاستيلاء عليه في مايو 2015، واستمر معتقلاً سرياً لممارسة التعذيب حتى تم تسليمه لصاحب المبنى وتم نقل المعتقلين إلى منزل سري، كما تأكدت المنظمة من مراكز اعتقال وسجون مكونة من حاويات وصناديق حديدية كبيرة تستخدم لنقل وتخزين البضائع يتم احتجاز المدنيين فيها وممارسة العديد من الانتهاكات ضدهم.

في محافظة صعدة

وفي محافظة صعدة استخدم الحوثيون أكثر من «16» مركز اعتقال بين منازل ومدارس ومراكز حكومية يتم فيها ممارسة التعذيب ضد المدنيين، كما رصدت منظمة «سام» مركز اعتقال وحيدا في محافظة الجوف بمنزل «النمس» والذي توفي فيه المعتقل سعود محمد الفهد «29 عاماً».