اتفاق الرياض يستعيد زخمًا.. خروقاتٌ إخوانية مفضوحة وتسريبات مغلوطة
استعاد اتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية في الخامس من نوفمبر الماضي، زخمًا كبيرًا في هذه الآونة بالنظر لما يتم تداوله عن هذا المسار.
البداية كانت مع ما كشفته وكالة "رويترز" عن طرح المملكة العربية السعودية، مقترحًا لإنهاء الخلاف بين المجلس الانتقالي الجنوبي، وحكومة الشرعية.
وقالت الوكالة إن المقترح السعودي يهدف إلى تفعيل اتفاق الرياض بين الطرفين، عبر وقف التصعيد في محافظة أبين.
وأضافت الوكالة أن الخطة تشمل تعيين رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة تضم وزراء من المجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة إلى محافظ ومدير أمن في العاصمة عدن.
وأوضحت أنّ المملكة دعت إلى إعادة انتشار قوات الطرفين في محافظة أبين، مشيرة إلى أن الخطوات السياسية في المقترح تأتي بعد تطبيق البنود الميدانية.
سعوديًّا لم يتم التعقيب على هذه المسودة التي نشرتها "رويترز"، لكنّ المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم، نفى صحة تسريبات الوكالة، واتهم في بيان، قناة الحدث بالتلاعب بمضمون التسريبات، بهدف إحباط المقاتلين في الجبهات، وسط انتصاراتهم المتلاحقة.
وشدّد على أن الأشقاء في المملكة العربية السعودية يبذلون جهدًا كبيرًا لتحقيق الوفاق بين الأطراف، مشيرًا إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يبلغ بأي مبادرة من هذا القبيل.
جنوبيًّا أيضًا، نفت الإدارة العامة للشؤون الخارجية في المجلس الانتقالي، في بيان، استلام أو مناقشة المجلس أي مقترحات من المملكة العربية السعودية لتفعيل اتفاق الرياض.
وأكدت أن المجلس لم يتوصل إلى اتفاقات حتى الآن، مشيرةً إلى استمرار رفض حكومة الشرعية تنفيذ التزاماتها، بتغيير الحكومة، والانسحاب الفوري من محافظتي أبين وشبوة.
اتفاق الرياض تخطّى توقيعه الشهر السابع، ولا يزال يراوح مكانه، بعدما ناله الكثير من الخروقات الإخوانية التي سعت إلى إفشاله.
الاتفاق وقّعه المجلس الانتقالي الجنوبي مع حكومة الشرعية في العاصمة السعودية الرياض في الخامس من نوفمبر الماضي، وقد كان الهدف منه ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، بعدما عمل حزب الإصلاح على تحريف وتشويه هذه البوصلة طوال السنوات الماضية.
وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، أعرب سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن عن دعم بلدانهم جهود التوصل إلى حل شامل في اليمن، وطالبوا بتنفيذ اتفاق الرياض.
وفي ظل هذا الزخم، فقد أصبح لزامًا التعلم مما سبق والتيّقن بأنّ حزب الإصلاح المخترق للشرعية لن يمنح فرصةً أمام نجاح الاتفاق، وبالتالي يجب العمل على وضع ضوابط ملزمة أمام الشرعية حتى لا تخرج عن السرب وتواصل مسارها العبثي الخبيث.
الاتفاق نصّ على تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر، وتعيين محافظ ومدير أمن جديدين للعاصمة عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر، وتعيين محافظين لأبين والضالع خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر.
وتضمّن الاتفاق أن يباشر رئيس الحكومة الحالية عمله في العاصمة عدن خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ توقيع الاتفاق وذلك في 12 نوفمبر، وتعيين محافظين ومدراء أمن في بقية محافظات الجنوب من قِبل الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير.
واشتمل الاتفاق كذلك على عودة جميع القوات التي تحرّكت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي إلى مواقعها السابقة خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر، ويتم تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر.
وجاء في بنود الاتفاق نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج محافظة عدن تحدّدها قيادة التحالف خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر، وتوحيد القوات العسكرية وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة وتوزيعها خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير.
وورد كذلك في الاتفاق أن تتم إعادة تنظيم القوات العسكرية في محافظتي أبين ولحج تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير، وإعادة تنظيم القوات العسكرية في بقية المحافظات الجنوبية تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 90 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 فبراير.
كل هذه البنود التي وردت في الاتفاق تعرّضت لسلسلة طويلة من الخروقات والانتهاكات التي ارتكبتها حكومة الشرعية المخترقة إخوانيًّا، عبر تصعيد عسكري واسع بالإضافة إلى محاولة التنغيص على الجنوبيين وافتعال الأزمات أمامهم.
على الرغم من تأكيد مختلف الأطراف الإقليمية والدولية أهمية تنفيذ اتفاق الرياض وضرورته القصوى في ضبط بوصلة الحرب التي شوّهتها حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، إلا أنّ "الأخيرة" ارتكبت كثيرًا من الخروقات من أجل إفشال هذا المسار.
وفيما اضطرت "الشرعية" للتوقيع على اتفاق الرياض حتى تتفادى "الإحراج" أمام التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ولا تبدو أنّها المعرقل لضبط العملية السياسية وتهيئة الأجواء لحسم المعركة على الحوثيين، إلا أنّ حكومة الشرعية انقلبت على هذا المسار، تنفيذًا لما كان متوقعًا بكونها لن تقبل بهذا الاتفاق.