الشرعية تخسر ورقتها الأخيرة قبل الرضوخ لاتفاق الرياض
رأي المشهد العربي
حاولت مليشيات الشرعية تحقيق تغيير عسكري على الأرض خلال الساعات الماضية في أعقاب إعلانها الاستجابة لطلب التحالف العربي بوقف إطلاق النار والعودة إلى اتفاق الرياض، غير أن محاولتها فشلت بعد أن تصدت لها القوات المسلحة الجنوبية وألحقت بها خسائر فادحة طالت أحد قياداتها العسكريين الذين تركوا جبهات الشمال من أجل احتلال الجنوب.
خسرت الشرعية ورقتها الأخيرة التي دائما ما تعوّل عليها في مثل هذه الأوضاع، لأنها أعلنت الاستجابة لوقف إطلاق النار وهي على يقين من أنها الطرف الخاسر على الأرض، وهو ما يجعل موقفها ضعيفًا في المفاوضات وستكون أقل قدرة على المراوغة من ذي قبل بعد أن تعرضت للطرد من سقطرى والهزيمة العسكرية بأبين في وقت تواجه فيه حصارًا شعبيًا في شبوة وحضرموت والمهرة.
عملت الشرعية جاهدة على إحداث تغيير عسكري على الأرض في أبين قبل وصول المراقبين الميدانيين التابعين للتحالف العربي الذين ستكون مهمتهم مراقبة وقف إطلاق النار، ومحاولة الإيحاء بأنها حققت انتصارات يجعلها تملي شروطها على طاولة المفاوضات.
فشل الشرعية في تلك المحاولة يعني أنها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تنصاع للاتفاق وتنفذ بنوده وهو أمر لا يتوقعه أشد المتفائلين إذ من المتوقع أن تناور مجددًا بتأثير من القوى الإقليمية المهيمنة عليها والتي تسعى لإفشال الاتفاق من الأساس، وإما أن تلجأ في مرات أخرى إلى التصعيد العسكري لكنها ستواصل الفشل في تحقيق أي إنجاز بفعل تماسك أبناء الجنوب وبفعل توالي الاحباطات التي تتعرض لها إلى أن يجري طردها من جميع محافظات الجنوب العربي.
إذا ذهبت الشرعية إلى طاولة المفاوضات مع المجلس الانتقالي الجنوبي مجددًا فإنها ستسعى للحفاظ على هيئتها الحالية وبالتحديد الوزراء المحسوبين على قطر وتركيا، لأن وجود هؤلاء يضمن استمرار التمويل الخارجي لها، وكذلك فإن الاستنجاد بأي من الدولتين للتدخل في الشأن اليمني سيكون من خلال هؤلاء الوزراء الذين اختطفوا قرار الشرعية منذ سنوات.
من المتوقع أن تلجأ الشرعية إلى تهدئة الأوضاع العسكرية على الجبهات بعد أن تلقت هزائم جديدة، اليوم الثلاثاء، وتيقنها أنه لن يكون بإمكانها تحقيق انتصارات بالشكل والطريقة الحالية، غير أن عملية سحب قواتها من شبوة وأبين سيمر بالعديد من المراوغات إن أعلنت نيتها الإقدام على ذلك، بجانب أن إحداث تغيير في هيئة الحكومة الحالية لن يكون بالأمر السهل وإن جرى فإنه سيكون شكليًا ولن يغير في بوصلتها الحالية التي توجهها إلى الجنوب وليس إلى المليشيات الحوثية الإرهابية.
تعاني الشرعية جملة من الانقسامات السياسية والعسكرية أيضًا وتوظف هذه الانقسامات لصالح تحقيق أكبر مكاسب من وراء اتفاق الرياض، لأنها سوف تبرر تصعيدها الأخير في أبين بأنه جاء من قبل عناصر إرهابية محسوبين على تنظيم القاعدة وليس تابعين لقياداتها في حين أنها من زجت بهم إلى محافظات الجنوب، وكذلك فإنها توظف انقسام الحكومة لصالح عدم السماح بتنفيذ بنود الاتفاق على أرض الواقع، وهو ما يتطلب تغييرًا واسعًا في آليات التفاوض معها هذه المرة بما لا يسمح بتكرار المراوغات السابقة.