في ذكرى الشهيد أبو اليمامة
د. عيدروس النقيب
يصادف اليوم الأول من أغسطس الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد المقاوم الجنوبي البطل العميد منير محمود أحمد اليافعي (أبو اليمامة)، الشخصية التي حفرت أحرف اسم صاحبها بنور وضياء ومحبة وإجلال لدى كل الشرفاء الجنوبيين من أنصار الحق ومحبي الحرية ودعاة الكرامة والعدل والإنسانية.
في الذكرى الأولى لاستشهاده تستحضر الذاكرة الكثير والكثير من المواقف المكتظة والمتزاحمة عند بوابات التعبير ومخارج الكلام فتعجز اللسان عن ترتيب أولويات الحديث، التي تستدعي وقفات ووقفات مطولة لا تتسع لها الصفحات ولا تستوعبها المفردات، لكن المعاني والقيم والأخلاقيات والمثل التي جسدها أبو اليمامة دون أن يصرخ بها كثيرًا ودون أن يكتب عنها المنشورات ويدبج فيها المقالات بل جسدها في عمله وسلوكه وتعاملاته مع محبيه وغير محبيه تبقى هي من يحكي عن هذا الفارس الاستثنائي.
ما زلت أتذكر ذلك اليوم من يناير 2018م وكنت أرقد في مستشفى نورثرن جنرال، بعيد إجراء عملية زراعة الكلية، وكنت أتابع أخبار العاصمة عدن عن طريق خدمة الإنترنت عبر المواقع الصحفية والإخبارية الجنوبية والشمالية المختلفة، حينما تعرض المتظاهرون الجنوبيون أمام قصر المعاشيق للعدوان وقُتِلَ منهم من قُتِل وجُرِحَ منهم من جُرِح على أيدي قوات الحرس الرئاسي، واضطُرَّت قوات المقاومة الجنوبية للرد على الاعتداء ومحاصرة القصر، ومحاولة اقتحامه، لولا تدخل الأشقاء في قوات التحالف العربي ورجائهم معالجة قضايا الخلاف دونما حاجة إلى مزيد من المواجهات، وهذا ليس موضوعنا، لكن ما وددت الإشارة إليه ان قوات اللواء الأول دعم وإسناد بقيادة أبو اليمامة كانت قد أسرت عدداً من قوات الحرس الرئاسي التي تورط قادتها وأفرادها في قتل المحتجين، وما زلت أتذكر ذلك المشهد الإنساني النادر حينما التقى أبو اليمامة بالأسرى، في ساحة الميدان وقال مما قال لهم: أنتم أهلنا وإخوتنا وأبناؤنا وما يصيبكم يصيبنا وما يضركم يضرنا وما يسركم يسرنا، ليس بيننا وبينكم عداوة، فاذهبوا حيث شئتم فإنكم أحرار.
حينها انهال الأسرى على أبو اليمامة احتضانا وتقبيلا ومعانقة وحبا واحتراما في موقفٍ قل أن يتكرر في تاريخ المواجهات المسلحة.
قليلون هم القادة الذين تمتعوا بهذه البداهة والشجاعة والجرأة والمسؤولية والتمسك بقيم النبل والإنسانية والنقاء والإيثار، وأبو اليمامة واحد منهم.
لروحك السلام والرحمة والمغفرة من لدن الغفور الرحيم أيها الشهيد الأبي، ولقيمك ومبادئك الخلود في ذاكرة الأجيال ولكل أهلك وذويك وكل محبيك ونحن منهم الصبر والسلوان.
فنم آمناً ما دمت فينا مؤمناً ودم خالداً ما دمت فينا مخلدا
ستعيش فينا من خلال ما زرعته في الناس من معاني ومبادئ لن تنطفئ شعلتها المتقدة مهما غاب جسدك النحيل.
ألف رحمةٍ ونورٍ ورضوان تغشى روحك الطاهرة الخالدة فينا ما حيينا وفي الأجيال القادمة إلى يوم يبعثون.