سماسرة الحروب ..!
نورا المطيري
تفتح الحرب أبوابا واسعة للتجار والسماسرة في اتجاهات مختلفة، خاصة تلك الحروب المفتعلة التي لا طائل منها، كحرب أردوغان على سوريا وليبيا، التي بدأت منذ تولى أردوغان رئاسة تركيا، فتضاعفت مافيات وعصابات الحرب، خصوصا في ظل وجود دويلة صغيرة منزوعة السيادة، تقبع شرق سلوى، مجبرة على تمويل أردوغان، وسرقة قوت شعبها، إرضاء لنزعاته واضطرابه النفسي والعقلي.
في الحرب، ليس هناك رابح أو خاسر، الجميع يخسر بإستثناء حفنة من السماسرة المقربين من صانعي القرار، يشترون ويبيعون الأسلحة، يدفعون الرشاوى ويأخذون ضعفها، يتاجرون في الشباب والأطفال والنساء، ويستخدمون الدم والمهاجرين ورقة لإبتزاز الآخرين.
لم تكن الحرب عقيدة تركية قبل أردوغان، كانت دولة مسالمة تبحث عن تنشيط إقتصادها من خلال الصناعة والسياحة وغيرها، وودت لو كانت دولة علمانية أوروبية، تحت مظلة الإتحاد الأوروبي، ولم تظهر الأجندة العثمانية الجديدة، إلا حين فشل أردوغان، فشلا ذريعا في إنقاذ الإقتصاد التركي، الذي أدى إلى فشله بإدارة البلاد كلها، ولم يجد غير ذريعة حماية الحدود ومهاجمة الأكراد، ثم تورط حتى عنقه، فأصبح راعيا للإرهابيين والمرتزقة، يصنّعهم ثم ينقلهم بحرا وبرا وجوا، ليقاتلوا بدلا منه.
هل يعلم أردوغان أنه قد أخطأ حين نصّب نفسه خليفة للإخوان المسلمين، ووافق على تزكية تجارهم ورضي أن يكون إماما لمجموعة من الجهلاء المارقين على أمل أن يصبح القائد الإقليمي للمنطقة؟ من المتوقع أن أردوغان يعلم في قرارة نفسه أنه أصغر من ذلك بكثير، ويعلم أن الذي لم يتمكن من قيادة الشعب التركي المسكين، الذي يسهل قيادته، لن يتمكن من فعل أي شيء ناجح على الإطلاق، والدليل أنهم ضحكوا عليه بفكرة أن نقل الغاز من تركيا إلى أوروبا ممكنة، سواء عبر سوريا أو عبر المتوسط، وهو لا يعلم كيف زرعوا بعقله هذه الفكرة التي يصعب تنفيذها، والتي دفعت المنطقة كلها ثمنا غاليا لها..!
بشكل مفاجىء، وليس بعيدا عما يحدث في المتوسط اليوم، وفي سوريا وليبيا، وجنون التنقيب عن الغاز لنقله إلى أوروبا، وإحتمال الحرب التي تؤججها تركيا وتمولها تلك الدولة الصغيرة، تلقى أردوغان الصفعة المدوية التي جعلته يترنح شرقا وغربا، إنها إتفاقية سلام تاريخية بين الإمارات وإسرائيل، ستعيده ومن هم على شاكلته إلى المربع الأول، حيث ينتصر صوت العقل والسلام على أصوات المدافع والحرب، ويتراجع السماسرة وتجار الحروب والفاسدين، ولن يبقى، عاجلا أم آجلا، إلا الباحثين عن الأمن والسلام ..!