الإخوان : بلدان مختلفة ونهايات متشابهة

فهد ردمان

في إحدى مقابلاته المتميزة والمثيرة على قناة الجزيرة بداية انتفاضة الربيع العربي وبعد سقوط نظام الإخوان في مصر تحديدا قال المفكر عزمي بشارة عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر :إنهم يستندون في نشاطهم السياسي إلى منهج خاطئ ,ويبدو أن هذه الملاحظة المهمة تنطبق على أغلب جماعات(الإسلام السياسي ) التي تتواجد في أكثر من بلد عربي فهذه الجماعة وإن هي مارست العمل السياسي تحت شعارات ويافطات سياسية وحزبية إلا إنها تتمسك بممارسات وسلوكيات تتسم بالانغلاق وتقديس الأيديولوجية والقيادة الفردية والطاعة العمياء لها ,وعدم الوقوف أمام السياسات والممارسات الخاطئة في وقت مبكر والاعتراف بها ووضع المعالجات الصائبة لها ,وتجاهل التجارب التاريخية السابقة وأخذ العبر والدروس للاستفادة منها ؛وفي الحقيقة يمكن القول إن هذا النهج والممارسات السياسية الإقصائية قد سادت عند كل الأحزاب والقوى السياسية ذات التوجهات اليسارية والقومية التي حكمت معظم البلدان العربية منذ ستينات القرن الماضي ,هذه السياسات التي أدت إلى ما تعانيه معظم البلدان العربية اليوم " من حروب ودمار وخراب وتفكك سياسي واجتماعي لا نظير له. وللإنصاف فإن للأحزاب والقوى السياسية التي رفعت ولا زالت ترفع شعار(الإسلام هو الحل)مميزات خاصة في هذا الجانب يمكن الإشارة إلى بعضها فعند هذه الأحزاب مصلحة تكون مصلحة الجماعة(جماعة الإخوان )أهم من إحداث التغيير السياسي والاجتماعي الذي تنشده الشعوب ,وحتى أهم من تحقيق مطالب الشعب الآنية ؛ لا تقيم هذه الأحزاب تحالفات استراتيجية جادة مع القوى والأحزاب السياسية المعارضة للأنظمة الاستبدادية ,وإنما يدخلون معها في تحالفات سياسية آنية تكتيكية بهدف الضغط على النظم الحاكمة في تلك البلدان للحصول على أكبر تنازلات ممكنة :سياسية أو اقتصادية ,كما فعل حزب الإصلاح اليمني الذي طالب بأن يخصص بند في ميزانية الدولة لصالح إنشاء المعاهد ولشؤون القبائل.....إلخ) وهم غالبا" ما يعقدون الصفقات السياسية أو يتحالفون مع الطرف القوي (المجلس العسكري في مصر-علي صالح في اليمن-البشير في السودان) أمثلة حيّة لتلك التحالفات وعلى حساب القوى السياسية الأخرى والمبادئ والقيم التي يدعون تبنيها والشعارات التي يرفعونها . وتؤكد تجربة حزب الإصلاح اليمني والجبهة القومية للإنقاذ في السودان انتهازية واضحة لدى جماعة الإخوان وتظهر مدى تعطشهم للوصول الى الحكم والبقاء فيه أو القرب منه بأي ثمن ,فقد تحالفوا مع نظامين عسكريين فاسدين دون أدنى تفكير في مصالح شعبي البلدين اللذين عانيا من الاستبداد والقهر والفقر بالرغم من الثروات والموارد الطبيعية المتنوعة التي تمتلكها الدولتان ,كما عانيا من الصراعات والحروب العبثية المتواصلة باسم الدين والوحدة التي نتجت عنها مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية مزمنة أدت في الأخير إلى فشل النظامين الحاكمين في الحفاظ على درجات التماسك السياسي والاجتماعي في البلدين ,حيث شهدنا انفصال جنوب السودان عن شماله في 2011م ونشهد الآن سيناريو مماثل ولكن بأثمان مكلفة في اليمن وتوجه الجنوبيين نحو استعادة الدولة المستقلة والتي باتت ملامح تشكلها في طور اكتمالها النهائي .


مقالات الكاتب