الجنوب يقترب من التحرير الثاني في ذكرى عيد الاستقلال
رأي المشهد العربي
إذا كان الجنوب قد استطاع تحقيق الاستقلال الأول في الثلاثين من نوفمبر عام 1967، فإن التحرير الثاني يبدو قريبًا بالرغم من العراقيل والتحديات التي يواجهها المجلس الانتقالي الجنوبي على طريق استعادة الدولة وتطهير الأرض من دنس الاحتلال اليمني.
مثلما كان الاستقلال الأول معبرًا عن حالة عربية خالصة وجاء في وقت كان يحتاج فيه العرب إلى انتصار يخفف آثار هزيمة 67 أمام المحتل الإسرائيلي، فإن التحرير الثاني الذي يمضي فيه الجنوب حاليًا سيكون له انعكاسات عربية هامة، في ظل تكالب قوى إقليمية معادية على الجنوب عبر تمويل المليشيات الإرهابية التي تستهدف إثارة الفوضى في محافظات الجنوب.
بالرغم من نجاح الجنوب في التخلص من الحقبة الاستعمارية البريطانية قبل 53 عامًا إلا أنه واجه احتلالًا جديدًا في مطلع التسعينات واستمرت الأوضاع في الركود لسنوات طويلة إلى أن جرى تحرير محافظات الجنوب من المليشيات الحوثية وما أعقبها من انتصارات مهمة حققها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي لمّ شمل الجنوب وأضحى قيادة متفقا عليها لتمثيل الجنوب في الفعاليات الدولية.
هناك جملة من المقدمات التي تبرهن على أن الانتقالي يقود الجنوب على طريق التحرير الثاني، على رأسها تطهير العاصمة عدن من المجاميع الإرهابية وتعيين محافظ جديد يحمل آمال وطموحات أبناء الجنوب في بناء عاصمة تليق بدولة الجنوب، ما ينعكس على جملة من المشرعات التنموية التي يجري تدشينها حاليًا، إضافة إلى الإجراءات الأمنية الفاعلة التي تضيق الخناق على أي محاولة لاختراقها مجددًا.
وكذلك فإن الانتقالي يحظى بشرعية دولية بمشاركته كطرف أساسي في اتفاق الرياض الموقع في العاصمة السعودية قبل عام تقريبًا، واستطاع أن يضع قضية الجنوب على طاولة الدبلوماسية الدولية ولعل تأكيد الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي على إطلاعه المجتمع الدولي والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، على جميع الخطوات، والطرف المعرقل لاتفاق الرياض أبرز دليل على ذلك.
المجلس الانتقالي نجح أيضًا في تقديم جميع أنواع الدعم إلى القوات المسلحة الجنوبية التي أضحت قوة عسكرية فاعلة تواجه الأخطار والمشاريع الاحتلالية في الجنوب، وحققت جملة من الانتصارات أهمها صد محاولات اختراق محافظة الضالع من قبل المليشيات الحوثية وكذلك الحال في أبين بمواجهة مليشيات الشرعية، إضافة إلى تطهير العاصمة عدن من العناصر الإرهابية وإحباط مخططات عديدة استهدفت إعادة تموضع الاحتلال داخل العاصمة مرة أخرى.
على المستوى الشعبي هناك التفاف شعبي جنوبي حول المجلس الانتقالي لم يشهده الجنوب منذ سنوات طويلة، وكانت المشكلة الرئيسية التي تقف عائقًا أمام أي خطط للتحرير تتمثل في عدم وجود قيادة قادرة على جمع شمل أبناء الجنوب حول هدف يكون قابلًا للتحقيق على أرض الواقع، والوضع الآن أضحى مختلفًا بصورة كبيرة في ظل الاستجابة الشعبية لأي فعالية ينظمها الانتقالي، ما منح الجنوب قوة إضافية في المباحثات السياسية التي خاضها الانتقالي منذ تأسيسه.