اتفاق الرياض وضرورات المرحلة الجديدة

الخميس 10 ديسمبر 2020 18:04:00
testus -US

رأي المشهد العربي

مرحلة نجاح جديدة بلغها اتفاق الرياض بإعلان التحالف العربي، استيفاء الترتيبات اللازمة لتنفيذ آلية تسريع الاتفاق، والتوافق على تشكيل حكومة مكونة من 24 وزيرًا.

اتفاق الرياض الذي مرّ أكثر من عام على توقيعه في العاصمة السعودية بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية، تعرّض للعديد من الخروقات من قِبل المليشيات الإخوانية الإرهابية التابعة للشرعية عملًا على إفشاله.

لكن الآن، ومع إعلان التحالف العربي عن هذا التوافق، فمن الواضح أنّ هذا المسار بصدد دخول مرحلة جديدة من النجاح "الإلزامي" نظرًا لأهميته الاستراتيجية فيما يتعلق بالعمل على ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية.

مكاسب عديدة يمكن أن تتحقق من خلال إنجاح مسار الاتفاق، لكن يبقى الأهم ما سيحدث في المرحلة التالية، والحديث هنا تحديدًا عن مدى التزام معسكر الشرعية بهذا المسار الحيوي والاستراتيجي.

استنادًا إلى الماضي، لا يمكننا الثقة مطلقًا في معسكر الشرعية المخترق إخوانيًّا، سياسيًّا وعسكريًّا، وهذا راجع إلى أنّ هذه المليشيات ارتكبت الآلاف من الخروقات لمسار اتفاق الرياض من أجل إفشاله.

ومع إعلان التحالف عن استيفاء الترتيبات اللازمة لتسريع الاتفاق، يبدو أنّ هناك العديد من الضغوط التي تمّت ممارستها على الشرعية من إجل إلزامها بهذا المسار الذي أكّدت على أهميته مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وفيما يبقى تشكيل الحكومة أمرًا شديد الأهمية لا سيّما في ظل الحاجة إلى حكومة كفاءات، لكن الأمر لا يقتصر على مجرد إعلان تشكيل الحكومة، فالأهم من ذلك هو تحركات ما بعد هذا الإعلان، والحديث هنا تحديدًا عن الوضع العسكري.

فعلى مدار الفترة الماضية، أقدمت مليشيات الشرعية الإخوانية على تحشيد الكثير من العناصر الإرهابية صوب جبهات الجنوب الملتهبة وتحديدًا شبوة وأبين، وارتكبت هذه المليشيات الكثير من الاعتداءات ضد الجنوبيين هناك على مدار الوقت.

وبالتالي، فلن يكون مقبولًا أبدًا استمرار المليشيات الإخوانية في شن اعتداءاتها الغاشمة على القوات المسلحة الجنوبية لأنّ ذلك سيمثّل استهدافًا جديدًا لإفشال مسار اتفاق الرياض، وهو أمرٌ غير مستبعد على الإطلاق، وهذا يرجع إلى أنّ معركة المليشيات الإخوانية موجّهة ضد الجنوب وليس ضد الحوثيين.

بيان التحالف حسم هذا الجدل، وذلك بإعلانه أنّ إعلان الحكومة سيأتي بعد تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق خلال أسبوع، واعتزامه الإشراف على فصل القوات العسكرية في أبين وإعادة انتشارها للجبهات.

التحالف تنتظره على ما يبدو مهمة شاقة من أجل إتمام هذه الخطوة، وهذا الأمر يستلزم ممارسة أكبر قدر من الضغوط على الشرعية لإلزامها باحترام هذا المسار ووقف التصعيد العسكري ضد الجنوب، وهذا عامل رئيسي فيما يتعلق بالعمل على إنجاح الاتفاق.

الموقف الآخر من المشهد يتمثّل في تعاطي الجنوب مع هذه المرحلة الجديدة، وفي الواقع فلا يبدو أنّ هناك تغيرًا في المشهد، فمنذ توقيع الاتفاق في نوفمبر من العام الماضي يُبدي المجلس الانتقالي التزامًا كاملًا ببنوده، لأهميته في ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية، وهذا هدف استراتيجي للجنوب، إلى جانب المشروع القومي العربي في مكافحة التمدّد الحوثي في المنطقة.

تجلّى هذا الأمر في البيان الصادر عن الانتقالي في أعقاب "إعلان التحالف"، حيث أكّد نزار هيثم المتحدث باسم المجلس أن المجلس يعد شريكًا استراتيجيًا فاعلًا للتحالف العربي والدولي لمكافحة الإرهاب، وشدد على أنّ هذه الشراكة عززت الجهود لإعلان التوافق النهائي لقائمة حكومة المناصفة.

موقف الجنوب يظل منخرطًا إلى جانب التحالف العربي على الحوثيين، ومن هذا المنطلق فالقيادة تُبدي التزامًا كاملًا بمسار اتفاق الرياض، لكن عنصرًا رئيسيًّا في خضم هذه التطورات يتعلق بالوضع في الجنوب نفسه.

فـ"الانتقالي" مفوّض من قِبل شعبه بالعمل على حفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والتصدي للتهديدات التي يتعرض لها الجنوب، ومن هذا المنطلق فلن يكون مقبولًا شن أي اعتداءات على الجنوب، لأنّها ستُقابَل بـ"ردع جنوبي كامل".