الأمن الامتحان الصعب

ياسر الأعسم

* عرفناهم يأتون (معفصين) فيسمكرهم المنصب، ومفجوعين فتشبعهم السلطة، ولكن (لملس) جاء المحافظة (مربرب) والابتسامة تملأ ملامحه، و من يراه اليوم يجد أن السلطة أخذت من وقته و جهده و وسامته الكثير، فقد احتل التعب و الإرهاق وجهه، و حاصرت الهالات السوداء عينيه، و حتى نبرته اللينة باتت خشنة، و تشعر أن كل لحظة يعيشها تحدً، وكل يوم في حياته فرصة.

* استلم عدن وهي أشبه بخردة ، سلطة ملغمة و مسئولون معظمهم بضاعة فاسدة و خزينة مصفرة، و عشرات المليارات لحسها المحافظ الأسبق و سماسرته، و لم يردموا حفرة أو يركبوا كامبة في شارع أو يسدوا بلاعة بضمير، و لم يزوروا مستشفى أو يضبطوا أمن، و تركوا المدينة يسرح و يمرح فيها من هب و دب، و بسطوا على معالمها و ما تبقى من متنفساتها، حتى أمسى النهب و العشوئيات شعار المرحلة، ناهيك عن مواقفهم التعيسة من أزمات الكهرباء و المياة و بعسست المشتقات النفطية، و كان كل همهم كروشهم.

* أكبر تحدً واجهه ( لملس)، هو أن كثيرين كانوا ومازالوا لا يريدون لعدن أن تستقر، ومنهم من كان ينتظر فشله، وآخرون كانت مواقفهم على حرف ، والتحدي الأخر أن المواطن الذي كان يعيش في ... الحمار ست سنوات أصبح أكثر (زنانة)، ويريد من لملس أن يخرجه من ثاني يوم!.

* كلنا يتفق أن عدن بدأت تتعافى، وتشهد شوارعها جهدا جبارا ، واستقرت بعض خدماتها، وكانت البداية بتغيير مدراء المديريات زفة واحدة، و راهن المحافظ على شخصيات نظيفة و حتى اليوم لم يخيبوا ظنه، و بات المواطن ينتظر زفة أخرى.

* أمسى المحافظ (بعبع) للفاسدين، و إن (يغبش)و يزر مرفقا و يزيح مديرا، فهذا أمر تكاد عدن لا تعرفه غير في العهد الأملسي، ولا نشك أن الوقاحة تستحق سلطة مبهررة، و لكن حتى نرى بعين العدالة نجد من المهم تفعيل دور الجهاز المركزي لرقابة وكذلك النيابة و القضاء، ونترك سلطة القانون تكشف ملفات فسادهم و تحاسب كل المتورطين فيها.

* كان( لملس) يدرك أهمية الأمن لعدن ، وباشر مهمته بالاجتماع بقيادات الأجهزة الأمنية، ورغم التحسن الذي يلمسه المواطن، إلا أن كل اجتماعاته لم تتمكن من السيطرة على كامل مظاهر الفوضى، فهناك مناظر مازالت تخدش تحضر و ثقافة المدينة ، وتجرح مشاعر ناسها.

* يظل الأمن الامتحان الصعب، نعي أن هناك قادة يرفعون الرأس و جنود يستحقون تقبيل جباههم ، ولكن علينا أن نعترف بأن بعضهم أصبحوا في مناطقهم دولة، و يبسطون سلطتهم على الأسواق و خراجها إلى جيوبهم وعلى عينك يا سلطة، و المصيبة أن بعض الصغار خلفه كبير، فإذا كانت النوايا حسنة فان الحل في هيكلة الأجهزة الأمنية وغربلة أفرادها.

* لكي تعود عدن مهد التحضر و مدينة السلام تحتاج إلى أكثر من الكلام ، وأن يضحي الكبار بمصالحهم قبل الصغار.


مقالات الكاتب