من يحمي المليشيات الحوثية؟
رأي المشهد العربي
يطرح هذا السؤال نفسه بقوة عقب انتقاد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيف المليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية، وبدلًا من أن تكون الأمم المتحدة أول داعم للقرار، الذي يحد من خطورة الدعم الإيراني الموجه للمليشيات الإرهابية، ويعد أحد الأدوات الضاغطة عليها لوقف الحرب التي تستمر للعام السادس على التوالي، جاء موقفها مخيبًا للآمال التي تعَول على حل دولي ترعاه المنظمة الأممية.
يمكن القول بأن الجلسة التي عقدها مجلس الأمن، أمس الخميس، وشهدت تقديم إحاطة من المبعوث الأممي للأوضاع في اليمن، كاشفة لكثير من خبايا الدعم غير المباشر المقدم للمليشيات الحوثية، لأن الجلسة لم تشهد إدانة للعناصر المدعومة من إيران على تفجيرها مطار العاصمة عدن، بل اكتفت غالبية الكلمات بإدانة كلامية لا تعبر عن خطورة ما أقدمت عليه المليشيات، وهو ما يمنحها الثقة في أن جرائمها لن تجد من يحاسبها عليها.
كان من المفترض أن تكون الجلسة الأممية مقدمة لملاحقة إيران وذراعها الإرهابية في اليمن على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين طيلة السنوات الماضية، خاصةً أن قرار الولايات المتحدة يدعم تلك التحركات التي من المفترض أن تأخذ منحى قانونيا يضغط عليها، لكن ما حدث هو العكس بعد أن وجدت الإدارة الأمريكية نفسها مرغمة للتأكيد على أنها لن تتراجع عن هذا القرار، ما يؤكد على أن هناك أطرافا عديدة لديها مصلحة في استمرار الصراع أطول فترة ممكنة.
كشفت جلسة مجلس الأمن عن أن إيران ليست الداعم الوحيد للمليشيات الحوثية وأن هناك أطرافا أخرى تذهب باتجاه مواقف داعمة لاستمرار جرائمها، ما يجعل حكومة المناصفة في مواجهة مزاج دولي يدعم استمرار الحرب وليس الذهاب مباشرة إلى طاولة مفاوضات الحل السياسي، الأمر الذي يبرهن على أن أفضل وسيلة ضغط على المليشيات الحوثية يكون من خلال تكثيف الجهود العسكرية والعمل على إضعافها وإرغامها على الجنوح إلى السلام.
على مر سنوات لم تقدم الأمم المتحدة أو أي منظمة دولية أخرى -باستثناء القرار الأخير للولايات المتحدة الأمريكية بتصنيف الحوثي منظمة إرهابية- أي دعم للتحالف العربي الذي يجابه الإرهاب الحوثي وتصدى لرغبة طهران في تحويل اليمن إلى ولاية إيرانية، وأخذت جميع الجهود مسارات دبلوماسية أكثر من اللازم وبدت لقاءات المبعوث الأممي وتنقله المستمر بين عدد من العواصم هدفه الأساسي التأكيد على أنه ماض في جهود السلام أكثر من أن يكون هناك تطور إيجابي ملموس على الأرض.
بدا غريفيث كمن يدور في دائرة مفرغة لم يخرج عن إطارها ولم يفكر في البحث عن أساليب أخرى من الممكن أن تشكل ضغطًا على المليشيات الحوثية واكتفى بإطلاق تصريحات يُظهر من خلالها صعوبة التوصل إلى اتفاق سلام، في حين كان بإمكانه إعلان الطرف المعرقل للمفاوضات بشكل مباشر وتحميل كل طرف مسؤولياته أمام المجتمع الدولي، الأمر الذي يجعل السؤال عن "من يحمي المليشيات الحوثية؟" يتردد بقوة في أذهان ملايين الأبرياء.