النفس المنهارة.. ماذا فعلت جرائم الحوثيين بالسكان؟
تعتبر الأزمات النفسية واحدة من أبشع صنوف الكلفة المروّعة التي نتجت بشكل مباشر عن الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية في صيف 2014.
وتعمل العديد من المنظمات الدولية على تقدير حجم الكلفة الإنسانية المروعة الناجمة عن الحرب الحوثية، أحدثها ما صدر في هذا النطاق عن صندوق الأمم المتحدة للسكان.
الصندوق الأممي كشف عن معاناة شخص من كل خمسة أشخاص من اضطرابات الصحة النفسية، وأفاد بمساعدة 30 ألفًا و566 شخصًا من خلال خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للمجتمع والأسرة بين أكتوبر وديسمبر الماضيين.
وكشف الصندوق عن مساعدة 39 ألفًا و120 شخصًا من خلال الخطوط الهاتفية الساخنة في مواجهة هذه الأزمات.
هذا التوثيق لحجم الأزمة النفسية الناجمة عن الحرب الحوثية ليس الأول من نوعه، ففي كثير من المناسبات صدرت تقارير أممية أظهرت حجم معاناة أعداد كبيرة من السكان في هذا الإطار.
وبات واضحًا كيف أنّ مليشيا الحوثي فرضت واقعًا أفرز العديد من المشاكل التي مزقت النسيج الاجتماعي، وولدت العديد من المشكلات الأسرية على صعيد واسع.
وعلى مدار سنوات الحرب العبثية، أجادت المليشيات الحوثية زيادة الضغوط النفسية على السكان، من خلال مضاعفة الأعباء على السكان في مختلف قطاعات الحياة وكذا حرمانهم من ممارسة أي أنشطة قد تخرجهم من ضغوط الحياة.
تفاقم الأزمات النفسية تجلّت بشكل واضح في مناطق سيطرة الحوثيين، وذلك في التصاعد الكبير في حالات الانتحار، ويحدث ذلك على نطاق واسع في سجون المليشيات، حيث يعيش المعتقلون في أوضاع نفسية مرعبة تفاقمها الاعتداءات الغادرة التي تشنها المليشيات الإرهابية.
وتوثق الكثير من التقارير الحقوقية كذلك أنّ الحرب الحوثية المسعورة أحدثت ارتفاعًا كبيرًا في معدلات الطلاق والتشرد للأطفال، فضلا عن إجبار أرباب الأسر والأطفال على المشاركة في القتال.
هذه الأوضاع التي لا تُطاق تفاقمت من جرّاء الجرائم التي ارتبكتها المليشيات الحوثية سواء من خلال الاعتداء على المدنيين بشكل صريح ومباشر من جانب، مع العمل في الوقت نفسه على صناعة الأعباء المعيشية المرعبة التي تحاصر أعدادًا ضخمة من السكان بين براثن أزمات لا تُطاق على الإطلاق، لا سيّما فيما يتعلق بأزمات الفقر والجوع والتردي الصحي الكبير.