كشف حساب لـاتفاق الرياض.. ماذا تحقّق؟ وما الذي يُخشى منه؟

الخميس 18 فبراير 2021 22:02:00
testus -US

رغم مرور فترة زمنية طويلة على توقيع اتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي الجنوبي ونظام الشرعية، لكنّ "الأخير" لا يزال يشهر أسلحة الاستهداف الخبيثة ضد الجنوب، ما قضى على معالم الاستقرار التي كانت مرجوة من هذه الخطوة المهمة.

الاتفاق الذي وُقّع في نوفمبر 2019 كان يهدف بشكل رئيسي إلى ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية بعدما عملت المليشيات الإخوانية طوال الفترة الماضية، على تشويه بوصلة الحرب.

صحيحٌ أنّ الاتفاق أنجز خطوة تشكيل حكومة المناصفة، وقد كان ذلك أمرًا مهمًا فيما يتعلق بما تضمّنه الاتفاق من بنود، لكن الخطوة الرئيسية الرامية إلى تحقيق تغيير جذري في المشهد القائم لم تتحقق بعد.

الحديث هنا عن أنّ المليشيات الإخوانية تصر على توجيه البوصلة في الاتجاه الخاطئ بما يخدم نفوذها ومصالحها التي تتضارب بشكل كبير مع ما ينص عليه الاتفاق من بنود شديدة الأهمية فيما يخص أهمية ضبط بوصلة الحرب وحسم المعركة على المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

الضغوط التي وُجّهت على نظام الشرعية نجحت خلال الفترة الماضية في تخفيف حدة الإرهاب الإخواني المسلح ضد الجنوب، وذلك فيما يتعلق بالانسحابات العسكرية التي أرغم نظام الشرعية الإخواني - جبرًا - على إجرائها، لكنّ الأمر لا يعني أنّ الاستفزازات الإخوانية ضد الجنوب قد ولّى زمنها وأمدها.

فمن خلال رصد عام لطبيعة الأوضاع في الجنوب، لا تزال تفوح رائحة الاستهداف الإخوانية الخبيثة، ويتجلّى هذا الأمر بشكل واضح فيما يخص مثلًا تعمُّد المحافظين الموالين لتنظيم الإخوان الإرهابي إثارة الأزمات المعيشية في وجه الجنوبيين بشكل آخذ في التصاعد.

اتفاق الرياض نجح في تخفيف حدة الآلة العسكرية الإخوانية ضد الجنوب فيما يتعلق بالجبهات التي أشعلتها المواجهات، لكن هذا المسار لم ينجح - على الأقل حتى الآن - في وقف الاعتداءات الإخوانية الجبانة ضد الجنوبيين، ويتجلّى ذلك مثلًا في عديد العمليات الإرهابية التي ترتكبها المليشيات الإخوانية عبر جرائم الاغتيال والاختطاف والتعذيب وغيرها من الجرائم التي دأبت المليشيات على ارتكابها في مناطق تواجدها على الأرض.

الاستهداف الإخواني للجنوب أو بمعنى أدق "الاستفزاز" اتضح في سلسلة طويلة من التهديدات التي يطلقها قادة بارزون في حزب الإصلاح، ممن يقعون في مواقع إدارية وعسكرية مهمة في نظام الشرعية، والتي تختص بالتحريض على استهداف الجنوب والتهديد باحتلال أراضيه بشكل متواصل.

ويبقى الهدف الأهم والأكثر حيوية في مسار اتفاق الرياض والذي لم يتحقق بعد يتعلق بطبيعة الوضع على الأرض في الجبهات التي من المفترض أن تكون موجهة للقضاء على المشروع الحوثي الخبيث، بل على العكس لم تكتفِ المليشيات الإخوانية بالتقاعس عن مواجهة الحوثيين لكنّها تتمادى في غيّها بمواصلة العمل على تسليم الجبهات للمليشيات الموالية لإيران، بما يعبّر عن حجم علاقات التقارب الخبيثة التي تجمع بين هذين الفصيلين.

استنادًا إلى هذا الذي تم سرده، فإنّ أنظار الجنوبيين أو بمعنى أدق "تعويلهم" يبقى منصّبًا على القيادة السياسية، ممثلة في المجلس الانتقالي، التي يُنتظر منها أن تُقدِم على اتخاذ كافة الإجراءات التي تصون أمن الجنوب وتحمي استقراره وتحمي مسار قضيته العادلة.

ولا شك أنّ المجلس الانتقالي الذي أفسح المجال كثيرًا بل دائمًا أمام فرص نجاح اتفاق الرياض وتطبيق بنوده بشكل كامل، يبقى له مطلق الحق في اتخاذ أي إجراءات يراها مناسبة في توقيت مناسب، ولن يكون هذا الأمر بمثابة تخلٍ عن مسار اتفاق الرياض، بقدر ما يمثّل ذلك حقًا أصيلًا في الدفاع عن النفس.