تعقيدات اليمن ومساعي المفاوضات الدولية.. حتى لا يتكرر الخطأ
دون أن يُقدِم على اتخاذ خطوات جادة ترمي إلى تحقيق هذا الغرض، لا يزال المجتمع الدولي يراهن على جهوده نحو التوصّل إلى حل سياسي عبر المفاوضات تخمد لهيب الحرب في اليمن.
الحديث عن تصريحات أدلت بها رئيسة مجلس الأمن السفيرة البريطانية باربرة وودوارد التي قالت إنَّه لا بد من التوصل لحل سياسي في اليمن، مشيرةً إلى أن هناك إجماعا دوليا على إدانة عدوان مليشيا الحوثي على مأرب.
وعبرت في تصريحات إعلامية، عن سعى الأمم المتحدة إلى إعادة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران إلى طاولة المفاوضات، وشدّدت على اعتزام المجتمع الدولي مواصلة دعمه للمبعوث الأممي لمعالجة الأزمة الإنسانية.
وقالت المسؤولة الدولية إنّ هناك 16 مليون نسمة يعانون من المجاعة، وكشفت عن محادثات بناءة مع اللاعبين الإقليميين حول النزاع، مشيرة إلى أن جهود السعودية لدعم الاقتصاد اليمني كبيرة.
تصريحات باربرة وودوارد ترسم إطارًا مفترضًا حول السياسة التي يتجه المجتمع الدولي نحو إقرارها في إطار التعامل مع الوضع القائم في اليمن حاليًّا، وذلك من خلال الدفع لترسيخ الحل السياسي.
صحيحٌ أنّ الحل السياسي هو المسار الأكثر أمانًا وضمانًا لأنْ تنجو قطاعات كثيرة من السكان من براثن الأزمة الإنسانية المفجعة التي صعنتها الحرب القائمة منذ صيف 2014، وخلّفت واقعًا لا يُطاق على الإطلاق.
لكن، مع التأكيد حول أهمية المسار السياسي وضرورة المضي قدمًا نحو هذا المسار شديد الأهمية، فإنّ إنجاح خطوة كهذه تستلزم ضرورة ممارسة أكبر قدر من الضغوط على المليشيات الحوثية الإرهابية لإلزامها على وقف الحرب والتوقّف عن الممارسات التصعيدية التي تخلِّف تعقيدات على أطر جهود إنهاء الصراع.
في الوقت نفسه، فإنّ الفترة المقبلة لا تحتمل ممارسة المجتمع الدولي مزيدًا من التراخي أمام الدعم الإيراني المقدم بشكل تسليحي متصاعد للمليشيات الحوثية الإرهابية، لا سيّما أنّ هذا الدعم المسلح يُمكّن المليشيات من إطالة أمد الحرب.
ممارسة المجتمع الدولي لهذا الدور تصبح أكثر أهمية بالنظر إلى الخطوة الإيرانية الأخيرة التي تضمّنت توجيه تحذيرات للحوثيين بعدم التجاوب مع أي دعوات ترمي إلى التوصّل إلى تسوية سياسية، ما يعني الدفع نحو فرض المزيد من التعقيدات على الوضع العسكري القائم على الأرض.
ويمكن القول إنّ المجتمع الدولي إذا ما أخذ بهذه الأمور في عين الاعتبار فإنّه سيكون قادرًا على كبح جماح الإرهاب الحوثي ووقف التلاعب الإيراني الخبيث بأمن واستقرار المنطقة بشكل كبير.
في المقابل، فإنّ انتهاج المجتمع الدولي سياسة تُظهِر تراخيًا أمام الخبث الحوثي الإيراني يعني أنّ الفترة المقبلة ستشهد تكرارًا لسيناريوهات الفشل التي لاحقت كافة الجهود الماضية نحو تحقيق السلام وتثبيت دعائم الاستقرار.
ولعلّ الفشل الذريع الذي رافق مسار اتفاق السويد الموقّع في ديسمبر 2018 الدليل الأكبر على أنّ إفساح المجال أمام المليشيات نحو التصعيد العسكري يظل سببًا رئيسيًّا في تعقيد الأوضاع السياسية والعسكرية، وهو ما يمثّل كابوسًا على المدنيين.