الإرهاب الحوثي متعدد الأوجه.. ما الذي يدفع إجرام المليشيات نحو التوحُّش؟
ربما لا يحتاج أحدٌ لبذل الكثير من الجهد في إطار البحث والتفكير عن أسباب تدفع المليشيات الحوثية الإرهابية إلى التمادي في إرهابها الغاشم، الذي يطيل أمد الحرب من جانب، كما يجهِض الكثير من الخطوات التي ترمي إلى إحداث حلحلة سياسية تخمد لهيب الحرب المستعرة.
الفترة الماضية كانت شاهدةً على تفاقم خبيث ومروّع في الممارسات الإجرامية التي ترتكبها المليشيات الحوثية الإرهابية، وتجلّى ذلك مثلًا في تصعيد العمليات الإرهابية ضد الجنوب وتحديدًا في محافظة الضالع، بالإضافة إلى تكثيف العمليات العسكرية في جبهة مأرب، وصولًا إلى إفشال الجهود التي بُذلت من أجل تبادل الأسرى.
رصاصة الفشل أزاح الستار عنها المبعوث الأممي مارتن جريفيث الذي أعلن هذا الأسبوع فشل جولة المحادثات التي رمت إلى التوصّل إلى اتفاق من أجل تبادل الأسرى.
جريفيث قال في تصريحاته التي نقلتها قناة "العربية": "أشعر بخيبة أمل لأنّ هذه الجولة من المحادثات لم تصل إلى مستوى ما رأيناه بسويسرا في سبتمبر الماضي"، وذلك في إشارة إلى التفاهمات التي أسفرت عن إطلاق سراح 1056 معتقلًا، في أوسع صفقة لتبادل الأسرى.
المبعوث الأممي جدّد دعوته للإفراج غير المشروط عن جميع المرضى والجرحى وكبار السن والأطفال المعتقلين فضلًا عن المدنيين المحتجزين بمن فيهم النساء والصحفيون.
تصريحات جريفيث يمكن القول إنّها حملت أمرين اثنين، فمن جانب اعترف المبعوث الأممي بالفشل في جهود إبرام صفقة لتبادل الأسرى، بعدما علّقت الكثير من الآمال على هذه المفاوضات لتعرف طريق النجاح.
في الوقت نفسه، حملت التصريحات دعوة أممية جديدة تضاف إلى الكثير من الدعوات التي أطلقت في فترات سابقة لإتمام عمليات تبادل أسرى أو إحداث حلحلة سياسية لكن الأمر لم يكن أكثر من مجرد كلمات تُطلق في الهواء.
الإصرار الحوثي على إفشال الجهود التي تحمل أهدافًا سياسية وإنسانية أمرٌ يعود إلى عدة أسباب، بينها أنّ المليشيات لم تعرف يُطلق في وجهها عين حمراء تجبرها على الانخراط في مواقف داعمة للسلام، بل على العكس وجدت الأمم المتحدة في كثيرٍ من الأحيان ما يمكن اعتباره تراخيًّا من المجتمع الدولي.
هذا التراخي تجلّى بشكل واضح للعيان فيما يتعلق بموقف جريفيث من الخطوة التي كانت تعتزم الولايات المتحدة إجراءها وهي تنصيف الحوثيين تنظيمًا إرهابيًّا لكن المبعوث الأممي رفض هذه الخطوة، في خطوة فُسِّرت بأنّ الرل يغض الطرف عن عديد الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية والتي ارتقت لتكون جرائم حرب وكذا جرائم ضد الإنسانية.
أضف إلى ذلك أيضًا الموقف الأمريكي نفسه، فمع تولي جو بايدن حكم الولايات المتحدة بشكل رسمي أعلن التراجع عن خطوة تصنيف الحوثيين تنظيمًا إرهابيًّا، في خطوة قوبلت بالكثير من الغضب على مختلف الأصعدة.
يُشير ذلك كله إلى أنّ المليشيات الحوثية تعيش فترة ربما تكون غير مسبوقة فيما يتعلق بإفساح المجال أمام إرهابها وإجرامها ليتفاقم وينمو بشكل واسع النطاق، بعدما اختار المجتمع الدولي التوجّه نحو سياسة "غض الطرف وإغماض العينين" عما تمارسه المليشيات من إجرام متوحش.
استنادًا إلى ذلك، فإنّ مساعي المجتمع الدولي لاتخاذ أي خطوات نحو تحقيق السلام والاستقرار في اليمن لابد أن تكون مصحوبة بإظهار عين حمراء للمليشيات الحوثية، تجبرها على وقف الأعمال الإجرامية التي تُحبِط جهود تحقيق السلام على صعيد واسع.