حضرموت ليست أرضا بلا شعب

د. عيدروس النقيب

هل هي المصادفة أن يعاد الترويج لإشهار ما يسمى بــ"إقليم حضرموت" في الوقت التي تعيش فيه محافظة مأرب حالة حرب هي أقرب إلى حرب الشوارع بين أبناء مأرب الأبطال وداعميهم من أبناء المحافظات المجاورة، وجنود حسن أيرلو الذين يحاولون تركيع مأرب المدينة والمحافظة الأبيتين؟؟

ثم ما الذي يستدعي تكرار الحديث السمج عن "إقليم حضرموت" في وقتٍ يحذر فيه الكثير من المتابعين والمحللين السياسيين المحايدين من مغبة القيام بمسرحية انسحاب ما يسمى بـ"الجيش الوطني" مما تبقى من مأرب للالتحاق بألوية القوات "الشرعية" في وادي وصحراء حضرموت والمهرة وفتح الطريق أمام الجماعة الحوثية لاقتحام مناطق الجنوب من جديد؟؟

لا يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق لاكتشاف أن هذه الفقاعات الجوفاء التي ينفخ فيها إعلام خاطفي "الشرعية" لا قيمة لها، لا قانونية ولا سياسية ولا عملية لسبب بسيط وهو إن مخلوق الأقاليم ولد ميتاً وتحول إلى سبب رئيسي من أسباب الانقلاب والحرب وما وصل إليه الوضع في اليمن من خراب ودمار وتجويع وتشريد وتفريط، وعندما يكون هذا الأمر مرفوضاً في شمال اليمن وجنوبه ويصر الخائبون على المناداة به في حضرموت دون سواها فإن السؤال الذي يقفز إلى مقدمة المشهد هو ماذا يراد لحضرموت؟

يعتقد "الشرعيون" الهاربون من مواجهة الحوثي، وهم واهمون، أن حضرموت وشبوة والمهرة هي اللقمة الأسهل ابتلاعاً في الجنوب، وأنه يمكن تزوير إرادة أهلها عبر استئجار بعض الأصوات من أبنائها وانتحال أية صفة لهم، ثم يبني هؤلاء "الشرعيون" على ذلك حلم مواصلة هيمنتهم على مصادر الثروة والنفوذ وعلى حيوات أهل المحافظات الثلاث وحرياتهم بالبسط على الأرض، بصورة ("قانونية") منتحلة بعد أن سيطروا عليها اكتساحاً واغتصاباً واستباحةً منذ العام 1994م.

ما ينبغي أن يستوعبه هؤلاء أن من يهرب من دياره لا يمكنه أن يذهب نازحا شاردا من الهزيمة ثم يتحول إلى متحكمٍ في مصائر من نزح إليهم، والأهم من هذا أن يستوعب هؤلاء أن حضرموت ومثلها كل محافظات ومدن ومديريات الجنوب، ليست أرضا بلا شعب ليهيمن عليها من أصبحوا بلا أرض بعد أن فرطوا بأرضهم هرباً من المواجهة واستثماراً في الحرب وعوائدها المهولة.

حضرموت ستكون إقليماً، . . .نعم ستكون إقليماً مثل بقية شقيقاتها في أقاليم شبوة والمهرة وسقطرة وأبين ولحج وغيرها من مناطق الجنوب، ولكن في إطار الدولة الجنوبية الاتحادية المستقلة متعددة الأقاليم، وليس ضمن مشروع تفكيك الجنوب وتحويله إلى ملجأ للهاربين من ديارهم.

حضرموت ليست وحدها، والاستفراد بها لا ينفع لأن الجنوب ليس ثورا ابيضَ ولا أحمرَ ولا أسودَ حتى يؤكل فرادي.
كل الجنوب حضرموت وكل حضرموت الجنوب.
وليخسأ الخاسئون.


مقالات الكاتب