مبادرة الحل الأمريكية والضربة الحوثية.. جٌهود سياسية نُفسِت في مهدها
ضربة ناسفة وجّهتها المليشيات الحوثية لجهود أمريكية في مهدها، رمت إلى إحداث حلحلة سياسية في الوضع القائم، تتضمّن عملًا على وقف إطلاق النار في اليمن بشكل كبير.
البداية كانت مع إعلان المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينج طرح خطة جديدة على المليشيات الحوثية لوقف إطلاق النار.
الدبلوماسي الأمريكي الذي كان قد أجرى جولة إقليمية مؤخرًا، قال في كلمة ألقاها في مؤسسة "المجلس الأطلسي" البحثية: "لدينا الآن خطة متماسكة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد تضم عناصر ستتيح التعامل فورا مع الوضع الإنساني القاسي في اليمن، وتم طرح هذه الخطة على قيادة الحوثيين منذ أيام".
وأضاف أنّ قيادة السعودية تقدم الدعم الكامل لجهود واشنطن الرامية لإنهاء النزاع، مؤكّدًا أنّ الولايات المتحدة والأمم المتحدة تحثان الحوثيين على التجاوب مع الخطة الجديدة وتنتظران منهم "مؤشر استجابة" لها، محذرا من أن عدم إحراز تقدم في وقف إطلاق النار سيدفع إلى صراع واضطراب أشد.
وأعرب ليندركينج عن استعداده للعودة إلى المنطقة فورا، عندما سيبدي الحوثيون استعدادهم للحوار.
لم يترك الحوثيون متعسًا من الوقت لإبداء مجرد التفاؤل بهذه الخطوة، حيث رفضت المليشيات خطة أمريكية لوقف إطلاق النار في اليمن، ورأت أنّها "مؤامرة لوضع اليمن في مرحلة أخطر".
وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين ، في تصريحات بثتها قناة "المسيرة" الفضائية التابعة للمليشيات، إنّه من الشروط المطروحة في المبادرة الأمريكية تحديد وجهات مطار صنعاء وإصدار التراخيص عبر التحالف، وأن تكون الجوازات غير صادرة من صنعاء.
سرعة الرفض من قِبل الحوثيين وعدم إبداء أي تجاوب مع هذه الخطوة الأمريكية تعني بكل وضوح أنّ المليشيات المدعومة من إيران لن تنحرط في أي مسار نحو تحقيق السلام والاستقرار.
وبات من الواضح أنّ المليشيات الحوثية الإرهابية ستظل سببًا رئيسيًّا في تفاقم تعقيدات الأزمة الراهنة بالنظر إلى أنّ هذا الفصيل دائمًا ما يغرس سموم إرهابه وتطرفه إزاء أي جهود نحو إحداث حلحلة سياسية مطلوبة.
ولا يمكن فصل هذا الخبث الحوثي عن الدور الذي تلعبه إيران فيما يتعلق بتوجيه المليشيات نحو إحداث المزيد من العبث بجهود تحقيق السلام والاستقرار بشكل كبير وهو ما يفاقم من الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب بشكل كبير.
بالنظر إلى ذلك، فإنّ المجتمع الدولي سيكون مخطئًا إذا انتظر جنوحًا حوثيًّا من تلقاء نفس المليشيات حال مخاطبتها بخطة ترمي إلى وقف إطلاق النار، وذلك لأنّه من مصلحة المليشيات أن يتمادى الوضع العبثي الراهن بتعقيداته وتأزمياته.
ويُنتظر من المجتمع الدولي إذا أراد بشكل جدي العمل على وقف الحرب، أن يمارس أكبر قدر من الضغوط على المليشيات الحوثية، بما يجبرها على السير في هذا المسار الذي ينتظره ملايين السكان في محاولة لتخفيف الأعباء المرعبة التي خلّفتها الحرب الراهنة.