الإمارات.. دولة صناعية متقدمة
سلطان حميد الجسمي
الدول المتقدمة تقاس بعدة عوامل، من أهمها الصناعة. فالصناعة الأساس التطبيقي للعلوم والمعرفة، ومنها تحدى الإنسان عالمه إلى أن وصل إلى أهم مكتسبات نمط الحياة العصرية، فلولاها لبقي الإنسان في عصره الحجري، وبسببها جاءت الاختراعات لتضيء حياة البشرية. وأصبح الابتكار ميداناً يتنافس فيه البشر للوصول إلى التكامل، فالدول الصناعية اليوم قادرة على التغلب على التحديات والصعوبات التي يمر بها العالم، وعلى سبيل المثال، فإن الدول الصناعية هي من ابتكرت لقاحات فيروس كورونا والمعدات والمستلزمات الطبية التي صدّرت إلى دول العالم، وأنقذت البشرية من فيروس كاد أن يسيطر على العالم، فقوة الدول الحقيقية في قوتها الصناعية والاقتصادية.
إن قوة القطاع الصناعي في الدول لها عدة مقاييس، أهمها حجم التصدير والإنتاج. فدولة الإمارات منذ سنوات طويلة أثبتت جدارتها في تصدير المنتجات الصناعية في مختلف قطاعاتها، وصارت لدولة الإمارات مكانة كبيرة بين الدول الصناعية كالصين والولايات المتحدة واليابان وألمانيا في تصدير المنتجات الصناعية إلى مختلف دول العالم، حيث بلغت صادرات المنتجات المصنعة داخل دولة الإمارات والتي وصلت إلى أكثر من 170 سوقاً حول العالم ما يقارب 62 مليار درهم خلال النصف الأول من 2020 وفق مؤشرات وتقارير عالمية رسمية.
إن دولة الإمارات في اتجاه متكامل ومستدام في الأمن الصناعي، وقد أطلقت الكثير من المشاريع ضمن أجنداتها في وضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية في التنمية المستدامة لتطوير السلع الصناعية بهدف تعزيز الاقتصاد الوطني، ومن ذلك «مشروع ال 300 مليار» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، الذي من أهم أهدافه كما قال سموه «هدفنا من الاستراتيجية دعم تأسيس 13500 شركة صناعية خلال السنوات القادمة... كما تتضمن الاستراتيجية زيادة الإنفاق على البحث والتطوير في القطاع الصناعي من 21 ملياراً إلى 57 مليار درهم خلال السنوات القادمة».. وبإطلاق الهوية الصناعية الجديدة لدولة الإمارات فإنها تصبح على خطوات ثابتة في الأمن الصناعي.
لدولة الإمارات تاريخ طويل في الصناعة يمتد إلى 50 عاماً، وقد وُضع حجر الأساس الصناعي لدولة الإمارات لأول مرة بخطى استشرافية مستدامة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومؤسسي الاتحاد طيب الله ثراهم. والرحلة الصناعية اليوم هي تكملة للمسيرة الصناعية التي جعلت من دولة الإمارات مركزاً عالمياً مهماً في الأسواق العالمية، والإنتاج المحلي الصناعي في تزايد رغم الصعوبات التي يمر بها العالم اليوم بسبب تفشي فيروس كورونا الذي أزهق الأرواح وتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة، إلا أنه بسبب الاستراتيجيات والخطط التي وضعتها القيادة الرشيدة صارت دولة الإمارات الأهم في الشرق الأوسط في الإنتاج المحلي للصناعات بمختلف قطاعاتها وبإشراف وأياد إماراتية قادرة على صناعة مستقبل مشرق.
تحتل دولة الإمارات مكانة عالمية في جذب الاستثمار العالمي الصناعي، ويعود ذلك لعدة أسباب منها الاستقرار السياسي والاقتصادي وهما الأهم في مثل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، حيث تعاني بعض الدول من عدم استقرار سياسي وأمني واقتصادي، بالإضافة إلى أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي والبنية التحتية الحديثة المتطورة، والتحول الرقمي في الخدمات التي تقدمها الدولة للمستثمرين، إضافة إلى التسهيلات الأخرى التي تقدمها الحكومة للمستثمرين، وبالأخص في الوقت الراهن.
ومنذ بداية انتشار الجائحة، كانت دولة الإمارات من أوائل الدول التي قدمت الدعم والمساعدة للمستثمرين في مختلف القطاعات، وهذا ما جعلها أرضاً خصبة للاستثمار الصناعي.