لإمارات نموذج عالمي في الشراكات

لم تشهد الحضارات قديمها وحديثها قوة العلاقات الخارجية بين الدول والإمبراطوريات إلا من خلال التجارة، وأكبر مثال على ذلك هو «طريق الحرير» الذي ربط قارات العالم بداية بالصين من آسيا إلى إفريقيا، مروراً بمصر ثم إلى ساحل البحر المتوسط، وصولاً إلى بلاد الشام ثم إلى أوروبا. فقد نمت وازدهرت الحضارات في الدول التي مر بها طريق الحرير بسبب تبادل الخبرات والتجارة وغيرها من المنافع التي نشهد ثمارها في يومنا هذا. فالدول التي بنت الشراكات الاستراتيجية والعلاقات الدبلوماسية اليوم، هي الدول التي تتصدر المؤشرات العالمية في عدة مجالات، وتمكنت من تطوير نفسها إلى دول متقدمة في شتى المجلات الاقتصادية والتجارية والسياحية والصحية والإنسانية والتعليمية والفضائية، وغيرها. فقد جعلت العلاقات الدولية اليوم، العالم بيتاً واحداً متصلاً، يستطيع مواجهة التحديات والأزمات التي نواجهها، وأكبر دليل على ذلك هو الانتصار على فيروس كورونا الذي كاد أن يفتك بالعالم، غير أن الدول والمنظمات الصحية واجهته بقوة، وعملت للانتصار عليه، وذلك يرجع إلى جسور التعاون والعلاقات الاستراتيجية والشراكات القوية التي اعتمد عليها العالم لمكافحة الوباء. ومنذ تأسيس اتحاد دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971 وهي تحرص على تقوية العلاقات الخارجية، وتبني الشراكات الاستراتيجية مع دول العالم. فقد أدرك الراحل المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مبكراً، أن بناء العلاقات مع دول العالم هو خطوة مهمة لبناء دولة متقدمة معاصرة قادرة على توفير الحياة الكريمة لمواطنيها وترسيخ مكانتها خارجياً. وللمغفور له كلمات خالدة تعتبر نهجاً في ترسيخ العلاقات الاستراتيجية وتقويتها، منها قوله: «إن السياسة الخارجية لدولة الإمارات تستهدف نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية، وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب على أساس ميثاق الأمم المتحدة، والأخلاق والُمثل الدولية. إن دولتنا الفتية حققت على الصعيد الخارجي نجاحاً كبيراً حتى أصبحت تتمتع الآن، بمكانة مرموقة عربياً ودولياً بفضل مبادئها النبيلة. ولقد ارتكزت سياستنا ومواقفنا على مبادئ الحق والعدل والسلام، منطلقين من إيماننا بأن السلام حاجة ملحة للبشرية جمعاء». فعلى مبدأ السلام والعدل والأخلاق، ارتكز المغفور له في بناء العلاقات مع مختلف الدول، واليوم أخذت القيادة الرشيدة هذا النهج فجعلته ميثاقاً في بناء الشراكات الاستراتيجية والعلاقات الدبلوماسية. تعتبر دولة الإمارات من الدول السباقة في المشهد العالمي اليوم في شتى المجالات، متصدرة المراتب الأولى في المؤشرات العالمية متجاوزة دولاً كانت متصدرة لسنوات عدة، خاصة في مجال بناء الشراكات والعلاقات الاستراتيجية، والتي تعتبر اليوم محوراً أساسياً لبناء الدول وتقدمها. وترتبط الإمارات مع دول العالم والمنظمات الدولية، بعلاقات متينة قوية في إطار استراتيجية تمكّن الإمارات من بلوغ مراحل متقدمة في شتى المجالات. ولعل آخر هذه الشراكات الاستراتيجية تلك التي وقعتها دولة الإمارات وتركيا، وشهدت انطلاقة قوية جديدة بين البلدين ومنعطفاً جديداً في المنطقة. وقد أثمرت زيارة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان إلى دولة الإمارات العديد من الاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية الهادفة إلى استدامة العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين الصديقتين والتي تمتد شراكتهما الاقتصادية إلى 40 عاماً. عملت دولة الإمارات من خلال بوابتها الخارجية التي تتمثل في المؤسسات الحكومية وعلى رأسها وزارة الخارجية، والمؤسسات والغرف التجارية والقطاع الخاص، والشخصيات التي لعبت دوراً كبيراً على المستوى الخارجي على رسم ملامح مميزة للعلاقات الخارجية الإماراتية، كما لعبت دوراً محورياً وكبيراً في تطوير العلاقات مع الدول والمنظمات العالمية في شتى المجالات.