دبلوماسية الإدانة .. سياسة أمريكية ناعمة أمام الإرهاب الحوثي - الإيراني
يبدو أنّ الإدارة الأمريكية اختارت إتباع سياسة مسك العصا من المنتصف فيما يخص تعاطيها مع الإرهاب المتصاعد الذي تمارسه المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
الحديث عن التعاطي الرسمي الأمريكي مع التصعيد الأخير الذي ارتكبته المليشيات الحوثية الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية، في هجمات جاءت بتوجيهات إيرانية مباشرة.
وكانت مقاتلات التحالف العربي قد تمكّنت من اعتراض خمسة صواريخ باليستية وأربع طائرات مسيرة بدون طيار، أطلقتها المليشيات الإرهـابية المدعومة إيرانيًا باتجاه جازان.
ونشب حريق بجامعة جازان في السعودية، نتيجة تناثر وسقوط شظايا اعتراض وتدمير الصواريخ والطائرات التي أطلقتها المليشيا الحوثية الإرهابية.
وقال المتحدث باسم قوات التحالف العربي، العميد الركن تركي المالكي، إن اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة والمفخخة، أدى لسقوط الشظايا في حرم جامعة جازان، ما نتج عنه نشوب حريق دون خسائر بالمدنيين.
الهجمات الحوثية قوبلت بموجات إدانة على صعيد واسع، لكنّ الأنظار وُجِّهت إلى كيفية تعاطي القوى الدولية المؤثرة والفاعلة مع هذه المستجدات على الساحة، ومدى إمكانية لعب دور حاسم وحازم في إطار مكافحة هذا الإرهاب الحوثي.
الولايات المتحدة، وهي إحدى القوى الدولية الكبرى، سلكت طريق الإدانة، حيث صدر بيانٌ عن وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم الجمعة، أدان هجمات المليشيات الحوثية الإرهابية ضد الأراضي السعودية.
واعتبرت الخارجية الأمريكية، أن العمليات الحوثية المدعومة من إيران، تطيل أمد الصراع داخل اليمن، مؤكدة أن الحوثيين يمددون معاناة المدنيين ويهددون الجهود السياسية.
البيان الأمريكي يحمل إدانة واضحة وصريحة لما تمارسه المليشيات الحوثية من عمليات إرهابية تطيل أمد الصراع في اليمن كما أنّها تواصل تهديداتها لأمن واستقرار المنطقة بشكل كامل.
لكن في الوقت نفسه، فإنّ تفاقم الإرهاب الحوثي إلى هذا النحو يستلزم ضرورة اتخاذ إجراءات أشد حزمًا وحسمًا في إطار مكافحة التهديدات التي تبعث بها المليشيات التي تنذر بتفجير الأوضاع بشكل أكبر في المنطقة برمتها.
وفيما تملك الولايات المتحدة قوى كبيرة على الصعيد الدولي، فإنّه يتوجّب توظيف هذه القوة في العمل على ممارسة أكبر قدر من الضغوط على المليشيات الحوثية، دون الاكتفاء بإصدار بيانات إدانة لا تُحدِث أي تأثيرات على الأرض.
انتقاد الدور الأمريكي يأتي من خلال السياسات التي اتبعتها واشنطن، والتي نُظِر إليها بأنّها تُفسِح المجال أمام المليشيات لتتمادى في أعمالها العدائية، وقد تجلّى ذلك في خطوة أقدمت عليها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والتي تمثّلت في التراجع عن تصنيف الحوثيين تنظيمًا إرهابيًّا.
ووُجّهت الكثير من الانتقادات للولايات المتحدة على هذه الخطوة، لدرجة أنّ كثيرًا من التحليلات اعتبرت أنّ واشنطن من خلال هذه الخطوة "المستغربة" عملت على تغذية الإرهاب الذي يمارسه الحوثيون بشكل واسع النطاق.
بالنظر إلى ذلك، فإنّ الولايات المتحدة وهي تصدر بيانات إدانة ضد الحوثيين، فمن الواضح أنّها تحاول مسك العصا من المنتصف حيث لا تريد المجازفة بعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية باعتبارها حليفًا استراتيجيًّا لواشنطن في هذه المنطقة الملتهبة من العالم.
إقدام واشنطن على إتباع هذه السياسة لا يمكن أن تغيّر من الوضع شيئًا، بل يرى محللون أنّها قد تكون مُشجّعة للمليشيات الحوثية لتتوسع في ممارساتها الإجرامية سواء من خلال مضاعفة عملياتها الإرهابية ضد السعودية وكذا عبر العمل على إطالة أمد الحرب في اليمن، وهذا كله يخدم الأجندة الإيرانية أولًا وأخيرًا.