عزلة الشرعية في معاشيق ودور الاخوان
شهاب الحامد
كانت عملية إغتيال المحافظ العدني جعفر محمد سعد ( رحمه الله ) في ديسمبر 0016م المهمة الأولى في تعطيل مشروع الجنوب والاجهاز عليه بادوات جنوبية غير وطنية او بعبارة اخرى هي الضربة الأولى لقطر ضد الامارات في معركة كسر العظم لاخراجها من الجنوب !.
كان اختيار اللواء الشهيد جعفر محافظا لعدن عنوانا واضحا لجنوب جديد وتتويجا لمسيرة نضالية مريرة خاضها شعب الجنوب اذ كان يرحمه الله من ابطال حرب 94م وصاحب خطة تحرير عدن 0015م ثم انه من ابناء عدن وصاحب كلمة مسموعة وليس محسوبا على طرف حزبي او مناطقي وهذه وحدها عنوان كبير.
تلتها بعد اشهر اقالة بحاح من منصبيه في ابريل 0016م وهي ضربة اخرى مباشرة في ذات السياق اذ يمكن قراءتها بانه أي بحاح: (ذراعا للإمارات) او كما نقل عنه حينها عن الدور الإماراتي في اليمن بقوله:(ان ما قدمته الإمارات كان فعلا وعملا على أرض الواقع وليس كلاما او شعارات ، وفي مختلف المجالات حيث شملت قطاع التعليم والخدمات الصحية والأمن والشرطة والدفاع المدني والمساعدات الإغاثية والإنسانية والعمرانية والغذائية).!.
والشق الآخر الذي يفيد بانها ضربات موجهة للامارات هو تعيين العجوز علي محسن نائبا للرئيس بدلاً عن بحاح وهو ممن لا تفصل الإمارات رؤيته في مؤسسة الرئاسة فضلا عن تمكينه من القرار ولعب ادوار اساسية في ادارة ملفات الازمة الحالية كونه راعي الجماعات الارهابية ومستظل بظلال الاخونجية كجماعة منظمة سياسيا بما يسمى حزب الاصلاح في الوقت الذي تعلن فيه الامارات وقوات المقاومة الجنوبية الحرب على الارهاب في المناطق المحررة .
كثيرون كنا مرحبين بتعيين محسن وقتها رغم فداحة القرار وخذلان بحاح لكن العزاء كان بان الاخير رجل تكنوقراط لاتتناسب معه رئاسة حكومة حرب في ظل فشل عسكري في جبهات الشمال وتعقيدات قبلية وتحالفات يصعب فهمها وانه بمقدور البديل ان يتعامل مع الحالة لما له من حضور وولاءات عسكرية وقبلية وحزبية وعقائدية ...الخ ، وعلى مدار سنوات الحرب كان الموقف الإماراتي متحفظا ان لم يكن ممانعا لأي دور لحزب الاصلاح أو مايسمى بـ(المقاومة الشعبية) التي يمثل الاصلاح وأنصاره جزءً كبيراً منها وهذه التسمية (المقاومة الشعبية) لم تطلق اعتباطا ولكنها اتت لانتزاع الخصوصية الجنوبية ناهيك عن انتصارات المقاومة الجنوبية الحصرية التي حاول الاخونج التسلق عليها تحت هذا المسمى الزائف وغيره من الادعاءات الانتهازية.
لم نشر في مطلع المقال الى خليفة الشهيد جعفر محمد سعد في منصب محافظ عدن كما يقتضي السرد لكنه من المفيد الانتظار حتى النهاية للتذكير بان كل ما قامت به الشرعية من خطوات كانت جميعها لحاجة في نفس الاخونج وقطر وخدمة لاهدافها في معركتها الخاصة مع الامارات .. نعم كان قرار تعيين اللواء عيدروس الزبيدي محافظا لعد خلفا للواء الشهيد جعفر سعد قرارا صائبا وموفقا وكان بمثابة العزاء لشعب الجنوب وجبر لكسرهم وهو الرد المنطقي على تلك القوى الظلامية الارهابية التي احاطت بعدن من كل جانب بعد ان اخضعت اجزاء كبيرة من لحج وابين وشبوة وحضرموت او هذا ما اوحى به قرار التعيين منذ الوهلة الاولى على الاقل، وبالفعل كانت اولى المهام المناطة بالادارة الجديدة مهمة أمنية خالصة وذلك ماكان مفهوما منذ صدور القرار بالنظر الى اقتران اسم الزبيدي باسم شلال شائع مديرا لامن المحافظة .
وبعد الانتهاء من تطهير عدن في اخطر واصعب مهمة تواجهها وحدات قتالية من قوات المقاومة الجنوبية التي دُرِّبَتْ وجُهِّزَتْ بدعم إماراتي في زمن قياسي لهذه المهمة ، عادت الابتسامة الى الشفاة وانتصبت الجباه وانبعث الأمل بالحياة بعد ان أُطيح بخلايا الارهاب الظاهرة والخفية وقتل واعتقل ابرز رموزها.. وعات الشرعية من منفاها الى عدن بعد ان اعيد ترميم قصرها المنيع في معاشيق !.
كان لهذا النصر على الإرهاب فعله اذ اكد على اهمية اشراك الجنوبيين في ادارة المناطق الجنوبية المحررة
كأمر واقع انتجته الحرب او كما عرف حينها بتحالف الضرورة وهكذا كان ، الا ان الشرعية اعتقدت ان كل مايحتاجة الجنوبيون جزاءً لنضالهم وتضحياتهم هي المناصب والسلطة وعلى هذا الاساس وجهت القرار بالتعيينات وهي وسيلة تقليدية من وسائل الاستقطاب وحرف مسار الثورات عن اهدافها الحقيقية . وعلى هذا النحو من التقارب تكيفت الناس معه في عدن ظنا منها ان الشرعية ترعى مصالح الجنوب وتنتصر لقضيته كما ظنت الشرعية انها اختطفت الجنوب من ايدي ابنائه بالمناصب فأعدّت العدة للانقلاب على هذه الشراكة او تحالف الضرورة فبدأت بالتضييق على السلطة المحلية ومنعها من استصدار قرارات التعيين ثم تطور الامر الى وقف المخصصات والموازنات التشغيلية وصولا الى حرب الخدمات لتعجيزها عن اداء مهامها وجعلها في مواجهة الشعب والحقيقة ان الناس قد كانت بحاجة الى الافاقة من الركون على ماتجود به الشرعية من وظائف او ادعاء مواقف لصالح الجنوب وما الى ذلك من ترهات .
فكانت اقالة الزبيدي وفقا لهذا الاعتقاد الخاطي هي الضربة الثالثة والتي اريد لها ان تكون القاضية لكنها سرعان ما انقلبت وبالاً على الاخونجية وقطر واستفاقت الجنوب من حقنة التخدير الشرعية المسماة شراكة وهي في الحقيقة شركا وفخّا واستنهضت من اقصاها الى اقصاها واستعادت زمام المبادرة من جديد كما عادت الشرعية الى عُزلتها السابقة في (معاشيق) حيث بدأت معزولة عندما عادت هاربة من صنعاء في مساء ليلة مدبرة !!.