مأزق الشرعية في معادلة الحل السياسي
رأي المشهد العربي
تجد الشرعية الإخوانية نفسها في مأزق كلما ضاعف المجتمع الدولي ضغوطه للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وذلك بفعل الإخفاقات والخسائر التي تعرضت لها طيلة السنوات الماضية من دون أن تكون قادرة على تحقيق مكاسب تذكر تضمن لها حضورا قويا في أي مفاوضات تكون طرفا فيها، وهو ما يدفعها لمحاولة تخريب أي جهود من شأنها التوصل إلى تسوية سلمية.
لم تنجح الشرعية في الحفاظ على المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرتها في الشمال وفقدت الجبهات واحدة تلو الأخرى، سلمت أغلبها من دون قتال تقريبا إلى المليشيات الحوثية التي وسعت نفوذها ووصلت إلى عمق محافظة مأرب، في الوقت الذي كانت فيه الشرعية ماضية في الهروب من مواقعها حتى من دون أن تصطحب معها أسلحتها ومعداتها العسكرية التي كانت بحوزتها وتركتها للعناصر المدعومة من إيران نكاية في التحالف العربي.
وبالمثل فشلت جميع محاولات الشرعية الإخوانية للوصول إلى العاصمة عدن واتخاذها مقرا لها بديلا للخسائر التي تعرضت لها في الشمال، واستطاعت القوات المسلحة الجنوبية أن تُلحق بها خسائر فادحة وفي نهاية الأمر لم تتمكن من إيجاد موطأ قدم لها بالجنوب من الممكن أن يمحنها قوة أثناء التفاوض، بل أنها وجدت نفسها مرغمة على توقيع اتفاق الرياض بعد أن فشلت تحركاتها العسكرية في اختراق جبهة أبين والوصول إلى العاصمة عدن.
لم يعد لدى الشرعية نقاط ارتكاز عسكرية قوية في الشمال من الممكن أن تستخدمها لحصد مكاسبها حال استمرت الضغوط الأمريكية على المليشيات الحوثية لوقف إطلاق النار والانخراط في مفاوضات سلام جديدة، وكذلك فإنها ليس لديها حضور شعبي أو عسكري واسع في الجنوب يجعلها قادرة على مجابهة قوة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمثل القضية الجنوبية وأضحى طرفا معترفا به أمام المجتمع الدولي.
لعل ذلك ما يفسر إقدام الشرعية التي أضحت رهينة بيد مليشيات الإخوان الإرهابية لأن تتجاهل الضغط على المليشيات الحوثية عسكريا لدفعها نحو السلام وتتركها ترتع في أكثر من جبهة من دون أن تتدخل تحديدا في محافظة مأرب التي صمدت بفعل قوة ضربات التحالف العربي واستبسال أبناء قبائل المحافظة.
وكذلك الوضع فيما يتعلق بالجنوب إذ أن الشرعية ليس لديها نية لإنجاح المفاوضات المتجددة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة السعودية الرياض لاستكمال تنفيذ الاتفاق وتعمل يوميا على وضع العقدة في المنشار من أجل تأزيم أي مباحثات من شأنها تصويب سلاحها وتدعم سحب مليشياتها الإهاربية وتتيح الفرصة لعودة حكومة المناصفة إلى العاصمة عدن لتأدية مهام عملها.