الغزو الطائفي في مناطق الحوثي.. بين سندان إرهاب المليشيات ومطرقة خذلان الشرعية
فيما تعيش المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تحت وطأة أفكار ضلالية وطائفية، فإن المسؤولية تتقاسمها المليشيات بفعل تنفيذها الأجندة الإيرانية من جانب، بالإضافة إلى مليشيا الشرعية الإخوانية التي تركت أراضيها وسكانها فريسة للقبضة الحوثية الغاشمة.
ففي الأيام القليلة الماضية، لوحظ أن وهج الشعائر الإسلامية المعتدلة خفت في صنعاء تحت وطأة الأفكار الحوثية التي قامت على غسل أدمغة السكان، وذلك لصالح انتشار جلسات اللطميات والتطرف المذهبي الشيعي.
وتعمل المليشيات الحوثية منذ فرض سيطرتها على صنعاء، على نشر تطرفها الديني وغلوها الفكري، لا سيّما فيما يخص طلاب المدارس، بغية العمل على صناعة أجيال مستقبلية تخدم الأجندة الحوثية المصنوعة إيرانيًّا.
وتحاول المليشيات الحوثية، تشييد ما يمكن اعتبارها بنية تحتية سكانية تخدم مشروعها الطائفي في المجتمعات السكانية الرافضة لمخططاتها الإيرانية.
وعملت المليشيات على ضرب التركيبات السكانية من خلال مخططات الأحزمة الطائفية الحوثية بدعم من النظام الإيراني، وذلك من خلال العمل على إحداث تغيرات ديموغرافية على نطاق واسع.
وركزت المليشيات الحوثية على بناء هوية وبيئة جديدة تدافع عن مشروع إيران على المدى البعيد، وذلك من خلال إعادة توزيع السكان وفقًا لرغبة المليشيات وتشكيل هوية جديدة نافذة في صنع القرار.
وفي محافظة صنعاء على وجه التحديد، شيّدت مليشيا الحوثي حزامًا طائفيًّا لتطويقها، وهو مخطط نشأ تدريجيًّا عبر تشييد مجتمعات سكانية للعائلات السلالية القادمة من صعدة وإحلالها في المناطق المنتشرة على المداخل الأربعة لصنعاء.
المخططات السلالية الحوثية انتقلت أيضًا إلى كافة مفاصل الهيئات التنفيذية لا سيّما القطاعات التي تحمل نفوذًا كبيرًا التي يمكن توظيفها بشكل كبير في خدمة مشروع المليشيات الطائفي.
وتعبيرًا عن أن الطائفية الحوثية تفشت على نحو سرطاني كبير، قد تم الكشف مؤخرًا عن أن السفارة الإيرانية لدى الحوثيين منحت صلاحيات لفرض تعليم اللغة الفارسية في الجامعات بالإضافة إلى تحويل المدارس إلى منصات طائفية.
كل هذا الذي يحدث من قِبل الحوثيين لم تكن للمليشيات أن تتمكن من تنفيذه من دون أن تُمنح إشارة خضراء لهذا الفصيل وذلك من خلال سياسات التآمر والخذلان التي مارستها مليشيا الشرعية على مدار الفترات الماضية.
مليشيا الشرعية على مدار الفترات الماضية، لم تولِ أي اهتمام بمحاربة الحوثيين وتركت سكانها رهينة وفريسة لهم، وذلك بعدما عملت المليشيات الإخوانية على تسليم المواقع الاستراتيجية وتجميد الجبهات الحيوية في مواجهة المليشيات المدعومة من إيران.
الخذلان الإخواني الذي خدم وساعد الحوثيين، بدأ منذ اليوم الأول للحرب التي اندلعت قبل سبع سنوات، ففي 21 سبتمبر 2014، وبينما كان 20 طقماً حوثياً مسلحاً يهاجمون صنعاء، ارتكب الإخواني الإرهابي المدعو علي محسن الأحمر خيانة فظيعة، عندما تنكر في هيئة زي زوجة سفير وهرب من صنعاء، رغم العتاد العسكري والمسلح الذي كان بإمكانه إجهاض التمدد الحوثي منذ يومه الأول، لكن الخيانة الإخوانية أتاحت للمليشيات فرصة التمدد على الأرض.
سقوط صنعاء في قبضة الحوثيين ارتبط بهروب الفرقة الأولى مدرع عن مواجهة الحوثيين، على الرغم من أن الفرقة كانت تضم تتكون من 23 لواء، خمسة ألوية مدرعات ودفاع جوي وصواريخ في صنعاء، وكانت تضم أكثر من 20 كتيبة عسكرية مدربة على استخدام المدرعات والأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
هذا العتاد العسكري الكبير يعني أنه كان بإمكان هذه الفرقة أن تحسم المواجهة على الحوثيين منذ يومها الأول، لكن الخيانة الإخوانية أوصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.
الشرعية أكملت حلقات الخيانة المروعة تاركة الفرصة أمام الحوثيين لإحكام قبضتهم وسيطرتهم على الأرض بغية التمادي في مشروعهم الخبيث من خلال التمدد العسكري على الأرض.
خيانات الشرعية اقترنت أيضًا بإشعال مواجهة شاملة على الجنوب، ضمن حرب غاشمة هدفت إلى عرقلة تحركات الجنوبيين نحو استعادة الدولة وفك الارتباط من جانب، بالإضافة إلى السطو على الثروات التي يزخر بها الجنوب لا سيّما الثروة النفطية التي طالتها يد النهب الإخوانية على صعيد واسع.
سياسات الشرعية هذه مكنت الحوثيين من إحكام قبضتهم على المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وبالتالي أُتيحت الفرصة أمام نشر أفكارهم الضلالية على صعيد واسع وهو أمر يُكبد السكان كلفة كبيرة سواء على صعيد الحياة الشخصية أو النسيج الاجتماعي.