النفط مقابل الإرهابيين.. صفقة الحوثي والشرعية تمهد الطريق للعدوان على الجنوب
تمثل الصفقات المشبوهة، أحد أهم الأدلة على حجم التقارب الخبيث والمشبوه الذي يجمع بين الحوثيين والشرعية، على نحو يمكن كل منهما من تحقيق أجندته الخبيثة وأهدافه المشبوهة.
ويمكن القول إن الجنوب هو المتضرر الأكبر من حجم التقارب المروع بين الحوثيين والشرعية، وقد تجلى ذلك في أحدث الصفقات بين الجانبين، والتي قامت على تهريب النفط مقابل إفساح المجال أمام تحشيد الإرهابيين.
هذه الصفقة المشبوهة تضمنت أن تقوم مليشيا الشرعية الإخوانية بالعمل على تهريب النفط من محافظة شبوة إلى مناطق سيطرة المليشيات الحوثية الإرهابية، فيما تعمل "الأخيرة" على تسهيل تحشيد العناصر الإرهابية إلى معسكرات الإخوان في الجنوب.
وشملت الصفقة على وجه التحديد، نقل عناصر إرهابية من عناصر تنظيمي داعش والقاعدة من محافظة البيضاء، وصولًا إلى المعسكرات الإخوانية في محافظة أبين، وذلك ضمن سلسلة طويلة من أعمال التحشيد الإخوانية المتواصلة.
وبحسب الناطق باسم القوات المسلحة الجنوبية النقيب محمد النقيب، فإن الصفقة الحوثية الإخوانية أسفرت عن انتشار واسع النطاق للعناصر الإرهابية في المعسكرات الإخوانية في محافظة أبين، بما ينذر بتهديدات أمنية على الجنوب في المرحلة المقبلة.
إقدام الشرعية على عقد الصفقات مع الحوثيين هو أمرٌ ليس بالجديد، فالجانبان تجمعهما الكثير من العلاقات التي خرجت من إطار السرية إلى العلن، وتحديدًا فيما يخص تشكيل ما بات يعرف بـ"التكالب" على الجنوب.
التنسيق الحوثي الإخواني يقوم على تحقيق معادلة باتت واضحة بشكل كبير، مفادها أن تفرض مليشيا الشرعية احتلالًا غاشمًا على الجنوب وبالتالي إسكات أصوات مواطنيه المطالبين باستعادة دولتهم، وفي الوقت نفسه تواصل المليشيات المدعومة من إيران سيطرتها وسطوتها على مناطق الشمال.
التكالب الحوثي الإخواني على الجنوب يحمل الكثير من التهديدات على القضية الجنوبية، وقد حملت الصفقة الأخيرة بين الجانبين أدلة صارخة على ذلك، فمن جانب اعتمدت الصفقة على التمادي في تهريب نفط شبوة، ما يعني مواصلة استنزاف ثروات الجنوب وذلك في محاولة لإذلال وتركيع مواطنيه من خلال محاصرتهم بالأعباء المعيشية والأزمات الحياتية.
وعلى الرغم من امتلاك شبوة ثلاثة قطاعات نفطية "عسيلان والعقلة وعياذ"، تنتج كميات كبيرة بشكل يومي، إلا أن مواطنيها بل والجنوبيين بشكل عام لم يحصدوا أي استفادة من هذه الثروة، وذلك بعدما طالتها يد النهب الإخوانية على مدار الفترات الماضية، واللافت أكثر هو إقدام مليشيا الشرعية على تقنين هذه الجرائم ومحاولة شرعنتها.
على الجانب الآخر، فإن تحشيدات الشرعية الإخوانية للمزيد من العناصر الإرهابية إلى محافظتي أبين وشبوة أمرٌ يمثّل تجهيزًا على ما يبدو لشن عدوان عسكري جديد على الجنوب، تكرارًا لسيناريو عدوان أغسطس 2019، وهي حرب شنتها مليشيا الشرعية ضد الجنوب لكنها ذاقت خلالها مرارة الهزيمة على يد القوات المسلحة الجنوبية.
حرب الشرعية التي يتم التجهيز لها، لن تتوقف على حدود شبوة وأبين لكنها ستخطو لما هو أبعد من ذلك، في محاولة لاحتلال العاصمة عدن، باعتبارها الكعكة الأكبر التي تسعى الشرعية لمصادرتها لما يمثله ذلك من ضربة قاسمة للقضية الجنوبية وتطلعات المواطنين لاستعادة دولتهم.
ولعل ما يعزز من هذه الاستقراءات هي التلميحات والتهديدات العديدة التي صدرت عن مليشيا الشرعية عبر قياداتها البارزة بشن عدوان على العاصمة عدن، والحديث هنا عما قاله وزير الداخلية في حكومة المناصفة إبراهيم حيدان، الذي مهد الطريق أمام شن عدوان على عدن عبر الترويج بوجود خلايا حوثية نائمة على الأرض وضرورة العمل على مواجهتها، وذلك على الرغم من تمكن الأجهزة الأمنية الجنوبية من فرض الأمن في العاصمة.
تصريح حيدان، أو بالأحرى تهديده، استتبعه سيرٌ على الدرب نفسه لكن صدر من خارج الحدود هذه المرة، من قِبل القيادي الإخواني المقيم في تركيا حميد الأحمر الذي لوح أيضًا للعدوان على العاصمة عدن، زاعمًا أن مليشيا الشرعية قادرة على احتلالها في غضون أسبوع، متناسيًّا أن كافة جولات النزال سواء عسكريًّا أو حتى سياسيًّا تذوقت فيها الشرعية مرارة الفشل.
إزاء كل هذه التهديدات، جاء الرد سريعًا من قِبل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أكد التزامه باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة التي تضمن حماية الجنوب وفرض الأمن والاستقرار على أراضيه، وصد أي اعتداءات تُحاك ضد الوطن.
تُرجمت هذه السياسة الجنوبية في الزيارات الميدانية التي تجريها قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي على وحدات القوات المسلحة على جبهات مختلفة، علمًا بأن هذه الجولات دائمًا ما تتضمن تأكيدات بضرورة التحلي باليقظة والاستعداد الدائم لمجابهة أي تهديدات قد يتعرض لها الجنوب وتحديدًا العاصمة عدن.
ومن المؤكد أن إتباع المجلس الانتقالي الجنوبي سياسة الحزم والحسم في مجابهة هذه التهديدات مرتبطة في الأساس بأن الحفاظ على أمن الوطن يظل أولوية قصوى، تُبنى عليها تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي نحو استعادة دولته عما قريب.