تعنت حوثي مستمر في صيانة ناقلة صافر.. ولندن وواشنطن تحددان المخاطر والمسؤولية
بينما يصر الحوثيون على إتباع سياسة التعنت في إجراء الصيانة اللازمة لخزان صافر، توالت التحذيرات من أطراف دولية من تسرب النفط من الناقلة، في وقت تكشفت فيه إحصاءات مخيفة عن المخاطر المحدقة حال انفجار السفينة.
دبلوماسيًّا، حذرت بريطانيا من وضع خزان صافر النفطي في البحر الأحمر ومخاطر تفاقم الأعباء الإنسانية من جرّاء هذه الأزمة، منبهة من أن إهمال وضع الناقلة يعني احتمالية تسرب النفط إلى البحر الأحمر بشكل يفوق أربع مرات تسرب إيكسون فالديز.
يُشار إلى أن إيكسون فالديز حدث عام 1989 بمضيق الأمير ويليام، وأدى إلى خسائر ضخمة في الكائنات البحرية، كما تسبب بشكل مباشر في خفض قدرات الصيادين الإنتاجية.
وإلى جانب الوضع الإنساني البائس الناجم عن الحرب الحوثية، قالت السفارة البريطانية لدى اليمن إن وضع الناقلة سواء حال انفجارها أو حدوث تسرب داخلها قد يؤدي إلى التسبب بأضرار غير مسبوقة للحياة البرية البحرية الإقليمية والشعاب المرجانية، وأن الآثار الكارثية ستؤذي البيئة.
وفيما دعت لندن إلى ضرورة حل ملف السفينة صافر، فقد أوضحت أن الإهمال يقود لتسرب 1.1 مليون برميل من النفط إلى البحر الأحمر، مع هناك أضرار فادحة وكلفة بيئية واقتصادية ضخمة، ذكرت منها فقدان 115 جزيرة في البحر الأحمر تنوعها البيولوجي وتخسر موائلها الطبيعية.
وأشارت إلى أن نحو 126 ألف صياد قد يفتقدون مصادر دخلهم في مناطق الصيد اليدوي، بينهم 67 ألفًا و800 صياد في محافظة الحديدة وحدها، مع توقف 148 من الجمعيات السمكية التعاونية للصيادين عن العمل في عشر محافظات.
وهناك 850 ألف طن من المخزون السمكي سيتعرض للتلف داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وفق السفارة البريطانية التي أشارت إلى أنّ 969 نوعًا من الأسماك، ستُنفق جراء بقع النفط الخام المتسربة.
كما حذرت السفارة من مغبة اختفاء 300 نوع من الشعاب المرجانية جراء النفط الخام، وعدم وصول الأكسجين والشمس إليها، وتلف 768 نوعًا من الطحالب في المياه الإقليمية، واختناق 139 نوعًا من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه من جراء بقع الزيت الخام، وتهديد 1.5 مليون طائر مهاجر بالخطر، أثناء عبورها السنوي باب المندب.
على صعيد متصل، حذرت السفارة الأمريكية لدى اليمن من الوضع الحالي لناقلة صافر النفطي، ووصفت هذا الوضع بأنه "حرج"، داعية إلى التحرك بشكل عاجل لمنع وقوع كارثة اقتصادية وإنسانية وبيئية.
وقال بيان صادر عن السفارة، إنه يجب السماح للأمم المتحدة بفحص وإصلاح ناقلة النفط صافر المهملة قبالة السواحل، مطالبة المليشيات الحوثية بأن تسمح للأمم المتحدة أن تجري الإصلاحات بشكل عاجل دون أي شروط أو مزيد من التأخير.
واتهمت واشنطن، مليشيا الحوثي بالعمل على تسيسس أزمة ناقلة صافر، وهو ما يمثل مخاطرة بإلحاق المزيد من الألم بالسكان وإحداث أضرار بيئية هائلة في المنطقة.
وأشارت السفارة، إلى أن ناقلة صافر تحتوي على 1.14 مليون برميل نفط بحالة وصفتها بأنها غير معروفة، محذرة من أنه في حال حدوث أي تسرب، فلن يقتصر الأمر على سلب منطقة البحر الأحمر من تراثها البيئي الثمين فقط، بل سيؤدي الأمر إلى إلحاق ضرر اقتصادي كبير بالكثير من دول المنطقة، وهو أمر إن حدث سيتحمله الحوثيون وحدهم المسؤولية عنه، وفق نص البيان.
وأوضحت أن الناقلة في حالة حرجة بسبب عدم صيانتها لعدة سنوات وتعالي حاليًّا من تسرب المياه، وأن صفيحة واحدة من الفولاذ هي كل ما يفصل النفط الموجود على ظهر السفينة عن المحيط.
ووفق البيان، فقد أظهرت دراسات الخبراء أن أي رد فعل على التسريب من شأنه أن يحد جزئيًّا فقط من تأثيره الكارثي، وهذا أيضًا سيتطلب تعاون الحوثيين الذين لا يزالون يرفضون التعاون بتعنت مستمر.
ورأت واشنطن، أن الخيار الحقيقي لمواجهة هذه الأزمة هو تأدية كل الجهود الممكنة لمنع التسريب أو الانفجار، وهو ما يتطلب إجراء فوريًّا، وقالت إن الأمم المتحدة مستعدة لإرسال فريق مؤهل وإجراء التفتيش والصيانة بشفافية كاملة لكن استمرار ما أسماها البيان "أعذار" الحوثيين وعرقلتهم تحول دون إنجاز المهمة.
وفيما أشار البيان الأمريكي، إلى أنه تم إجراء إصلاح جزئي للناقلة، إلا أنه شدد على ضرورة التحرك على الفور لمنع وقوع أي كارثة اقتصادية وإنسانية وبيئية.
وانتهت مطلع يونيو الجاري، نقاشات مكثفة جمعت بين الأمم المتحدة والحوثيين في محاولة لإيجاد ضمانات أمنية وتسهيلات كاملة لوصول ونشر فريق أممي فني لتقييم وصيانة خزان صافر، غير أن تعنتًا مارسته المليشيات أفشل هذه الجهود.
وفي أعقاب ذلك، عقد مجلس الأمن جلسة "بطلب من بريطانيا" بشأن أزمة ناقلة صافر، وفي إحاطتها قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنجر آندرسون، إن المليشيات الحوثية لم تعطِ أي ضمانات تتعلق بصيانة خزان صافر النفطي، ودعت جميع الأطراف للتدخل من أجل حل الأزمة تفاديًّا لما وصفتها بالكارثة البيئية الوشيكة.
وصرحت المسؤولة الأممية، بأنّ وجود تسريب في خزان النفط صافر أو انفجاره أمران محتملان ويهددان الملاحة البحرية بما يؤدي إلى إغلاق ميناء الحديدة، وهو ما سيُلحق أضرارًا بالغة بالاقتصاد.