فتاوى خامنئي السياسية تفتح الباب لتزوير الانتخابات الإيرانية
لجأ المرشد الإيراني علي خامنئي إلى حيلة جديدة لتزوير الانتخابات الإيرانية المزمع إجرائها الجمعة المقبل، وأصدر فتوى سياسية بما أسماه بـ"حرمة إلقاء ورقة فارغة أو بيضاء" في صناديق الاقتراع"، إلى جانب إجبار أتباعه للمشاركة في الانتخابات عبر فتوى أخرى تشير إلى أنها "واجب عيني" بما يُعني وقوع المقاطعين لها في الإثم الحرام وفقا للرؤية الفقهية الإيرانية.
يبدو واضحا أن خامنئي وجد أن إقدام رجال الدين المسيطرين على لجنة الانتخابات ويرأسها مباشرة، باستبعاد جميع المرشحين الإصلاحيين وقبول فقط 7 مرشحين من إجمالي 590 مرشحا ليس كافيا لضمان تزوير الانتخابات وتحصين إبراهيم رئيسي المرشح المتشدد الذي يدعمه من أي مفاجئات أثناء عملية الاقتراع، وبالتالي فإن الطريق الأسهل للتزوير غير المباشر يكون عبر الفتاوى السياسية.
وقال خامنئي في معرض إجابته على سؤال لمجموعة من أتباعه فيما إذا كانت المشاركة بالانتخابات الرئاسية واجب عيني أو كفائي، إنها "واجب عيني"، ما يعني أن عدم المشاركة فيها حرام لمن يحق له الإدلاء بصوته وتعتبر من الذنوب وفق الرؤية الفقهية الإيرانية فيما يتعلق بالواجب الكفائي والعيني.
هذه الفتوى وغيرها من الفتاوى التي يصدرها المرشد الإيراني تصب في مسار توسيع رقعة المشاركة بالانتخابات الرئاسية في ظل تقارير واستطلاعات رأي تؤكد عزوف شريحة واسعة من الإيرانيين عن المشاركة في هذه الانتخابات، وهو ما سيؤدي لوجود سلطة جديدة غير معترف بها داخليا من جانب المواطنين غير المعترفين بمسارات إجرائها.
قالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية إن إيران زورت نتائج انتخابات 18 يونيو قبل أن يتجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع، ما سيؤدي إلى بقاء المواطنين الإيرانيين في منازلهم وعدم التصويت.
أضافت: "يمكن الاستعانة بما قاله محسن مهر علي زاده، السياسي الإيراني الإصلاحي، والمحافظ الأسبق لخراسان وأصفهان، الذي لخص الوضع بقوله إن النظام الإيراني جمع الشمس والقمر والسماوات لصالح فوز شخص واحد بالانتخابات“، قاصدًا رئيسي.
تابعة المجلة: ”لا انتخابات حرة في إيران، حيث السلطة العليا في أيدي رجال الدين، وربما يجد أي مرشح نفسه مستبعدا لأتفه الأسباب"، مؤكدة أن هذه ليست انتخابات، لكن الهدف منها هو تنصيب إبراهيم رئيسي الذي شارك في حملة الإعدام واسعة النطاق ضد سجناء سياسيين في الثمانينيات، والذي بدا أنه محرج إلى حد ما نتيجة التزوير الفج.
وكان رئيسي قد خسر انتخابات 2017 أمام روحاني، حيث حصل على 37% فقط من الأصوات، مقابل 57% للرئيس المنتهية ولايته، وسلطت تلك النتائج الأضواء على أن سلطة المتشددين ليس لديها شعبية من جانب المواطنين، فيما يسعى خامنئي لتحصين منصبه من أي تبعات سياسية نتيجة الهزات الاقتصادية العديدة التي مرت بها إيران خلال السنوات الماضية.
وبعد أن منعت هيئة انتخابية التابعة لخامنئي مرشحين من أصحاب الوزن الثقيل من المعتدلين والمحافظين من المشاركة في السباق الانتخابي، يبدو أن الشباب الإيراني في المراكز العمرانية المتحضرة لا يتفق سوى في الشعور باليأس من الوضع الحالي القاتم، فيما يحاول التيار المتشدد أن يصدر خطابا دينيا من الممكن أن يجذب مواطني الأرياف والمناطق التي لا يوجد بها معدلات مرتفعة من المتعلمين.
وترى دوائر سياسية إلى أن تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية قد يصب هذه المرة لصالح رئيسي وبالتبعية خامئني الذي يهندس عملية الانتخابات، إلا أنه سيؤدي في المقابل إلى تقويض شرعية الرئيس المنتخب، والنظام على نطاق أوسع.
ويشكل ذلك هاجسا بالنسبة لخامنئي ودائرته الدينية المتشددة، ما جعله يوعز إلى المرشحين بمحاولة استقطاب الشباب عبر تقديم وعود إليهم بفك الحظر عن موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في أعقاب الانتخابات المقبلة، وهو أمر فطنه الكثير من الشباب الذين عبروا عن رفضهم المشاركة في الانتخابات أي كانت الوعود لأن حريتهم ستكون مقيدة حتى وإن عادت تلك المنصات مرة أخرى.
ولخامنئي مثل الكثير من المسؤولين، مئات الآلاف من المتابعين على تويتر وإنستغرام رغم أن إمكانية الدخول على وسائل التواصل الاجتماعي معطلة رسميا في إيران، ويثير هذا الحظر الغضب في نفوس كثيرين من الشباب الإيراني، ويحتال كثيرون عليه باستخدام شبكات افتراضية خاصة ويصرون على ضرورة رفع العوائق أمام وسائل التواصل الاجتماعي.
أصدر مركز "تريندز للبحوث والاستشارات"، اليوم الاثنين، دراسة جديدة بعنوان "انتخابات الرئاسة الإيرانية 2021… المحددات وفرص المرشحين والتداعيات المحتملة"، أشارت إلى أن فوز مرشح متشدد في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يعني استمرار طهران في سياستها التوسعية بالمنطقة، لتقوية موقفها التفاوضي، واستمرار الفوضى في اليمن وسوريا والعراق، كورقة ضغط تفاوضية.
واستبعدت الدراسة حدوث تغييرات إصلاحية داخلية جادة في إيران، خلال السنوات المقبلة، في ظل حكم المتشددين، وخلصت الدراسة إلى أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية، تشهد موجة صعود للمحافظين المتشددين، كما أن نمط استبعاد الإصلاحيين واستبعاد رموزهم، يعكس توجه النظام نحو تكريس هيمنة التيار المحافظ، وسيطرته على جميع منابر السلطة في إيران.