استطلاعات رسمية تفجر قنبلة مقاطعة الانتخابات الإيرانية.. وخامئني يؤمن الطريق لـحكم رئيسي
فيما يفترض أن يتوجه الإيرانيون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها سبعة مرشحين، إلا أن أكثر التوقعات بما في ذلك استطلاعات رأي رسمية، ذهبت إلى تدني نسبة المشاركة، بما يعبر عن هشاشة النظام السياسي.
ويخوض غمار هذه الانتخابات، سبعة مرشحين، وفي حال لم ينل أي مرشح الغالبية المطلقة تجرى دورة اقتراع ثانية في 25 يونيو بين المرشحين اللذين نالا العدد الأكبر من الأصوات.
سباق الانتخابات يهيمن عليه مرشحون متشددون مقربون من المرشد علي خامنئي، أبرزهم إبراهيم رئيسي وهو قاض متشدد يُوصف من قِبل كثير من الإيرانيين بأنه يمثل الوجه الأشد إثارة للرهبة في المؤسسة الأمنية، والذي أشرف على عمليات قمع حادة بالمعارضين، وصلت إلى حد إعدام الآلاف منهم.
والمرشحون السبعة هم إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي للسلطة القضائية الإيرانية منذ 2019، وأمير حسين قاضي زاده، عضو في مجلس الشورى الإسلامي منذ 2008، وعبد الناصر همتي، الرئيس السابق للبنك المركزي (2018–2021)، وسعيد جليلي الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي (2007–2013)، محسن مهر علي زادة محافظ سابق لأصفهان (2017–2018)، محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني (1981–1997)،وعلي رضا زاكاني الرئيس الحالي لمركز دراسات المجلس منذ 2020.
ولوحظ تصاعد حدة الغضب الشعبي من جرّاء الأزمات السياسية والاقتصادية المهولة والقمع الذي يتعرض له معارضو النظام في الداخل، وهو ما قاد إلى توقعات كثيرة بعزوف أعداد ضخمة عن المشاركة في الانتخابات، لا سيّما من قِبل المؤيدين للتيار الإصلاحي.
وكشفت استطلاعات رسمية، عن تدني مستوى المشاركة المتوقع في التصويت إلى حد كبير، وسط تكهنات بإمكانية حصول المرشح الرئيسي للتيار المحافظ إبراهيم رئيسي على أصوات الفقيرة ومتوسطة المعيشية.
كما أن الاستطلاعات، التي عرضتها فضائية "العربية" دون أن تحدد مصدرها، استثنت تصويت فئة الشباب المتعلم الرافض لقرارات الهيئة الانتخابية، في خطوة أرجعها محللون إلى محدودية صلاحيات رئيس الجمهورية مقارنة بسلطات المرشد علي خامئني الذي يُنظر إليه بأنه يُمسك بقبضته على الحكم منذ أكثر من 30 عامًا.
ويقول معارضون إن تصاعد حدة الغضب المحلية راجعة بشكل رئيسي إلى الانهيار الاقتصادي وقلة الخيارات المتاحة أمام الناخبين بعدما استبعدت لجنة الانتخابات المتشددة مرشحين معتدلين ومحافظين ذوي ثقل.
وفي مشهد آخر عبّر عن هشاشة الوضع السياسي، ومن ثم المشهد الانتخابي، فقد تحولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات احتجاجات ضد سياسات النظام الإيراني، عبر شعارات مثل "لا للجمهورية الإسلامية".
وعلى موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" على وجه التحديد، انتشر بكثافة هاشتاج "تصويت بلا تصويت" الذي يدعو المشاركون فيه لا سيّما من الخارج إلى مقاطعة الانتخابات بشكل كامل، وقد ازدادت حدة الغضب من قِبل الإيرانيي منذ قرار السلطات هناك بحجب مواقع التواصل الاجتماعي لكبت حريات المعارضين لسياساته.
وفيما تتواتر أنباء عن إقدام النظام على رفع الحجب عن هذه المواقع، فقد أرجع نشطاء هذا الأمر إلى كونه خطة من النظام لاستقطاب الشباب على وجه التحديد للتصويت لصالح في الانتخابات، وبالتالي خدمة المشروع السياسي لهذا النظام.
في المقابل، سعى المرشحون السبعة كلهم، لاستمالة الناخبين من الشباب بخطب وحملات دعاية واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى نسبة 60% التي تقل أعمارها عن 30 سنة بين السكان البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وبشكل عام، يتخوف الإيرانيون من فوز رئيسي، وهو رئيس السلطة القضائية ، في الانتخابات، باعتبار هذا الأمر قد يعزز فرص رجال الدين من المرتبة الوسطى في خلافة خامنئي في نهاية المطاف.
وكان رئيسي قد خسر انتخابات أمام الرئيس الحالي حسن روحاني في 2017، وذلك لدوره في الحكم بإعدام آلاف المعتقلين السياسيين في 1988، علمًا بأن خامنئي اختاره في 2019 ليرأس السلطة القضائية.
ويُنظر إلى رئيسي باعتباره الخيار الأفضل لخامنئي، كون عملية ترشيحه للانتخابات جاءت بعد جهود حثيثة بذلها مكتب المرشد لإقناعه بالترشح.
و"رئيسي" منذ أن تم تعيينه على رأس مؤسسة الإمام الرضا في مشهد، حتى بدأت العديد من الدراسات والتحليلات تتحدث عن إمكانية أن يكون هو المرشد الأعلى المقبل في إيران.
الأكثر من ذلك أن رئيسي كان أحد أبرز المرشحين المنافسين لخامنئي على خلافة خميني بعد وفاته، قبل أن يستقر قرار مجلس خبراء القيادة في النهاية على تنصيب خامنئي، ما أثر على وجهات النظر التي دارت حول رئيسي هو خسارته للإنتخابات الرئاسية الماضية أمام روحاني، وهو ما يحاول خامنئي عدم تكراره في الإنتخابات الرئاسية المقبلة.
ويعني عدم فوز رئيسي بهذه الانتخابات أن عملية خلافة خامنئي ستواجه تحديات كبيرة، وبخاصة أن هناك الكثير من الأسماء التي بدأت تطرح نفسها بقوة للساحة، وعلى رأسها حسن الخميني، فقد يؤدي فوزه المحتمل في هذه الجولة من الإنتخابات الرئاسية إلى تقريبه من منصب المرشد الأعلى أكثر من ذي قبل، في تكرار لسيناريو صعود خامنئي بعد الخميني، حيث أنه لا يزال يعتبر أحد خيارات القيادة المستقبلية، لكن إذا خسر الانتخابات مرة أخرى، يمكن أن يتضرر هذا السيناريو حتى لو فاز بملايين الأصوات.
ويسعى خامنئي لتأمين فوز "رئيسي" للاطمئنان على مستقبل السياسة الإيرانية التي شهدت في الفترات الماضية ما وصفت بحالة التمرد من قبل الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، وهو ما يدفع المرشد لضرورة العمل على إعادة هندسة الحياة السياسية عبر فوز "القاضي المتشدد".
وحال فوز رئيسي، سيتحقق التكامل الذي ينشده خامئني بين مؤسسة الرئاسة ومجلس الشورى والحرس الثوري، وبالتالي إعادة صياغة المشهد السياسي للنظام الإيراني سواء في الداخل أو الخارج.