مطالب الجنوبيين من الجمعية الوطنية في دورتها الجديدة
رأي المشهد العربي
يترقب الجنوبيون حدثًا تاريخيًّا واستثنائيًّا، عندما تنعقد الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، غدًا الأربعاء وبعد غد الخميس، في حراك سياسي يتزامن مع تحديات جسام فرضت نفسها على الساحة.
شعار الدورة الرابعة يلخص ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث، حيث تُعقد بشعار "تنفيذ اتفاق الرياض مطلبنا واستعادة الدولة غايتنا"، إذ يُلخص هذا الشعار الاستراتيجية الحكيمة الحاكمة لعمل المجلس الانتقالي الجنوبي التي تقوم مرحليًّا الآن على تنفيذ مسار اتفاق الرياض، فيما تبقى الغاية الرئيسية التي لا يمكن التراجع عنها استعادة الدولة.
وعندما تجتمع الجمعية الوطنية، التي ستُعقد بدعوة من الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن ما ستسفر عنه من قرارات وآليات واستراتيجيات ينسجم جميعه مع التحديات الراهنة.
فعلى الصعيد السياسي، تستضيف المملكة العربية السعودية في هذه الآونة اجتماعات لبحث استكمال تنفيذ اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية الإخوانية بعدما عرقلت "الأخيرة" تنفيذ بنود الاتفاق وإكماله.
كما أن فعاليات الدورة تعقب تطورات أمنية مهمة، فيما يتعلق بتصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في الجنوب، والتي كان آخرها وأكثرها ألمًا ونزفًا التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة تقل عددًا من رجال القوات المسلحة الجنوبية بمدينة زنجبار بمحافظة أبين.
التطورات القائمة على الساحة المرتبطة أيضًا بالتردي المعيشي، تحتم على الجمعية الوطنية رسم آليات مواجهة الأعباء التي تنخر في عظام الجنوب والتي صنعتها الشرعية عبر إشهار سلاح التجويع والإفقار من خلال صناعة الأزمات وبالأخص وقف صرف الرواتب.
الجمعية الوطنية يُنتظر منها إجراءات حاسمة فيما يخص وقف ممارسة الغطرسة والعنجهية التي تمارسها الشرعية الإخوانية، والتصدي لسياساتها التي تنهش في ثروات الجنوب وتُحوِّل إيراداته لصالح خزائن إخوان الشرعية الذين بات شغلهم الشاغل هو استنزاف الجنوب وثرواته.
ولعل الدور المهم في هذا الإطار هو العمل على إلزام حكومة المناصفة أولا بالعودة إلى العاصمة عدن، ومن ثم ممارسة الأدوار والجهود التي يُفترض أن تقوم بها، والعمل على تلبية احتياجات المواطنين، علمًا بأن تحقيق هذا الأمر مرتبط في الأساس بالضغط على الشرعية وإلزامها بوقف عرقلة عودة الحكومة إلى العاصمة.
وفيما لا يبدو أن الشرعية قد تتجاوب مع ذلك، فيجب على الجمعية الوطنية اتخاذ قرارات حاسمة تعمل على سد فراغ غياب الحكومة، بما يمثل فرصة حقيقية أمام تحسين الوضع المعيشي شديد التأزم، من خلال رؤية شاملة تتيح إمكانية حل كافة الأزمات.
في الوقت نفسه، ينتظر الجنوبيون أن تضيف هذه الدورة الرابعة للجمعية الوطنية مزيدًا من العمل على توطيد وتعضيد الجنوب على الصعيد المؤسسي، بما يقوي من الجنوب دبلوماسيًّا وسياسيًّا تمهيدًا للمشاركة في أي عملية تفاوضية مستقبلية، لا سيّما أن اتفاق الرياض تضمن بندًا بإشراك الجنوب عبر ممثله الشرعي "المجلس الانتقالي" في أي مفاوضات مستقبلية.