حملات تحصين أممية ضد شلل الأطفال تتحدى الإهمال الحوثي
في الوقت الذي يتحمل فيه الحوثيون مسؤولية تفشي مرض شلل الأطفال، فإن جهودًا ملحوظة تبذلها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" للسيطرة على الحالة الوبائية.
المنظمة الدولية قالت في بيان اطلع عليه "المشهد العربي"، إنها تمكنت من الوصول إلى أكثر من 3.8 مليون طفل دون الخامسة خلال الحملة التكاملية من منزل الى منزل للتحصين ضد شلل الأطفال وإعطاء فيتامين (أ) في 14 محافظة منذ نهاية مايو الماضي.
وأوضحت المنظمة أن اليمن كان خاليًّا من شلل الأطفال في عام 2006، لكن الأزمة الإنسانية التي خلّفتها الحرب تجعل الأطفال مهددين بالإصابة بهذا المرض.
وأشارت اليونسيف، إلى أنه لا يوجد علاج لمرض شلل الأطفال لكن الطريقة الوحيدة لتحصين الأطفال تتمثل في تحصينهم من خلال منحهم اللقاح، إذ تم إجراء حملة تكاملية في نهاية الشهر الماضي شملت المرور على المنزل للتطعيم ضد مرض شلل الأطفال وإعطاء فيتامين أ.
وأفادت المنظمة الدولية، بأن أكثر من 27 ألف شخص شاركوا في عمليات التحصين خلال الحملة التي شهدت وصولًا إلى الكثير من المناطق التي كان من الصعب الوصول إليها، داعية لتكثيف الجهود المشتركة من أجل القضاء على المرض وحماية الأطفال من خطر الإصابة به.
وشلل الأطفال - كما تعرفه منظمة الصحة العالمية - مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات من الزمن، ينتقل عن طريق الانتشار من شخص لآخر بصورة رئيسية عن طريق البراز، وبصورة أقل عن طريق وسيلة مشتركة (مثل المياه الملوثة أو الطعام) ويتكاثر في الأمعاء، وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال (يصيب الساقين عادة).
جهود المنظمات الدولية الإنسانية في محاربة شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي سجلت حضورًا واسع النطاق تأتي في وقت تتحمل فيه المليشيات الحوثية مسؤولية تفاقم المرض بشكل كبير على مدار الفترات الماضية.
ولا يوجد شلل الأطفال البري حاليا سوى في أفغانستان وباكستان، لكن في المجتمعات التي تنخفض فيها معدلات التطعيم لا سيما في الدول التي تشهد حروبًا مثل اليمن، يمكن لفيروس شلل الأطفال الضعيف المستخدم في اللقاحات أن ينتشر ويتحور ويسبب أيضا الإصابة بالشلل، وهذا ما يسمى تفشي شلل الأطفال الناجم عن اللقاح، وفق منظمات دولية.
وحدد أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالشرق المتوسط وتيد شيبان المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في وقت سابق، سببًا لتفشي المرض، وهو مستويات المناعة المنخفضة لدى الأطفال.
وأضاف أن كل موجة من تفشي المرض أدت إلى إصابة الأطفال بالشلل في المناطق التي كان من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، تزويدهم فيها باللقاح الروتيني أو التكميلي ضد شلل الأطفال، وحرمانهم منه لفترات زمنية طويلة.
واتُهمت المليشيات الحوثية، من قِبل أطراف رسمية، بأنها مسؤولة عن إعادة تفشي مرض شلل الأطفال من خلال العمل على عرقلة جهود المنظمات الطبية في تنفيذ حملات التحصين للأطفال، في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات، وتحديدًا في محافظات حجة وصعدة وعمران والمحويت وغيرها.
وخلال عامي 2018 و2019 على وجه التحديد، لم يتم تنفيذ برنامج الأمم المتحدة للقضاء على مرض شلل الأطفال في المناطق المتضررة، وهو ما أفسح المجال أمام ظهور وتفشي المرض بشكل كبير، لا سيّما في مناطق سيطرة الحوثيين.
وفي واقعة شهيرة، منع الحوثيون توزيع اللقاحات بحجة أنها غير صالحة للاستخدام، وهي مزاعم فندتها منظمة اليونسيف وقالت نهاية العام الماضي، إن اللقاحات الخاصة بمرض شلل الأطفال قد سبق تقييمها ووجد أنها صالحة للاستخدام خلال العمر الافتراضي للقاح حتى أغسطس 2021.
البداية كانت مع وصول شحنة لقاحات التحصين الروتينية إلى صنعاء، وكانت تضم 492 ألف جرعة من لقاح فيروس الروتا، وعند تفتيش مخازن التبريد الخاضعة لإدارة الحوثيين في صنعاء، لوحظ تغير لون شاشة اللقاح، وتم توفير المعلومات اللازمة لإجراء التقييم من قبل منظمة الصحة العالمية، التي أوصت بأن اللقاحات آمنة للاستخدام.
ورغم ذلك، اتخذت وزارة الصحة والسكان في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، قرارًا بعدم السماح باستخدام اللقاحات.
ولا يبدو أن الأمر يقتصر على شلل الأطفال، ففي كثير من المناسبات تقول تقارير أممية إن أمراضًا وأوبئة كثيرة من بينها فيروس كورونا والكوليرا والملاريا والدفتيريا وغيرها تتفشى بشكل مرعب وسط استمرار إهمال وتقاعس الحوثيين، وكذا النقص الحاد في المساعدات الطبية والأدوية وإغلاق أغلب المرافق الصحية نتيجة الحرب التي أشعلتها المليشيات.
وكثيرًا ما دعت الأمم المتحدة لإتاحة وصول اللقاحات إلى الأطفال دون عوائق وبشكل مستدام، وكذا تسهيل مهام العاملين في مجال الصحة ليتمكنوا من تزويد كل طفل باللقاحات.