في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن.. جريفيث يقر بالفشل: لا الحرب ولا السلام مسؤوليتنا
قدم مارتن جريفيث الذي سيصبح في أول يوليو المقبل وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن بصفته مبعوث الأمم المتحدة لليمن، مقدمًا جردة حساب عما قدمه الرجل على مدار ثلاث سنوات.
جريفيث الذي أدلى بإحاطته عبر تقنية الفيديو، قال إنه أجرى على مدار العام ونصف العام الماضي جولات من الدبلوماسية المكوكية مع الأطراف، لكن لم تتغلب الأطراف على خلافاتها، متحدثًا عن تقديمه حلولًا لحل الخلافات لكن دون أي قبول بها.
ولخص جريفيث سبب فشل التوصل إلى حل سياسي، وهو إصرار المليشيات الحوثية على اتفاق قائم بذاته على موانئ الحديدة ومطار صنعاء كشرط لوقف إطلاق النار وانطلاق العملية السياسية، فيما قال إن الشرعية توافق الموافقة على هذه القضايا وتنفيذها كحزمة بما في ذلك بدء وقف إطلاق النار.
وعمل المبعوث الأممي على تبرئة ساحته من أن يُتهم بالفشل في إحداث حلحلة سياسية، قائلًا: "لا الحرب ولا السلام من مسؤولية الوسيط.. دور الوسيط هو أن يقدم للأطراف الطرق التي يمكن أن تنتهي بها الحرب".
ودعا جريفيث إلى تسوية سياسية متفاوض عليها لتغيير الأوضاع في اليمن، وأشار إلى أن السبيل الوحيد للخروج من هذا المستنقع هو أن تلتزم القيادات بالحوار لحل خلافاتها على المدى الطويل.
وصرح بأن وقف إطلاق النار سيكون قيمة إنسانية لا يمكن إنكارها، مع السماح بإسكات البنادق، وفتح الشوارع الحيوية، والعودة إلى بعض الشعور بالأمن خاصة للمدنيين الذين يعيشون بالقرب من خطوط المواجهة المتعددة.
وقال المسؤول الأممي: "إنهاء حرب ما خيار.. ويعاني رجال ونساء وأطفال اليمن يوميا لأن أصحاب السلطة أضاعوا الفرص أمامهم لتقديم التنازلات الضرورية لإنهاء الحرب، ونتيجة لإضاعة الفرص، يعيش اليمنيون في عنف وانعدام أمن وخوف، مع الحد من حرية حركتهم وحرية الدين وحرية التعبير، وربما الأكثر مأساوية أننا رأينا آمال وتطلعات جيل من الشباب إلى مستقبل سلمي محطمة".
وأكثر ما كان محبطًا لمارتن جريفيث خلال فترة عمله - حسبما كشف - تمثل في غياب محادثات سلام شاملة، وصرح: "أكدت مرارًا وتكرارًا على أولوية العملية السياسية للتفاوض بشأن القضايا السياسية والأمنية الأساسية، اللازمة لإنهاء الحرب وضمان السلام.. آخر مرة جلس فيها الطرفان لمناقشة هذه القضايا في الكويت عام 2016، وهذا مثير للصدمة".
وفيما أثنى جريفيث على الدول الأعضاء، وخاصة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطة عُمان وغيرها من الدول، على الدعم الدبلوماسي الدؤوب لجهود الأمم المتحدة في آخر جولة من الوساطة، فقد حذّر: "الوقت ليس في صالح اليمن.. على مدار الصراع، تضاعفت وتجزأت الجهات الفاعلة المسلحة والسياسية، وتنامى التدخل الأجنبي. وما كان ممكنا فيما يتعلق بحل الصراع قبل سنوات، غير ممكن اليوم. وما هو ممكن اليوم قد لا يكون ممكنا في المستقبل".
المبعوث الأممي قيم أيضًا مجريات المسار السياسي "اتفاق السويد" الموقع في 2018 والذي لم يوقف الحرب حتى الآن، قائلًا إن الاتفاق أدّى إلى انخفاض دراماتيكي في عدد الوفيات والإصابات بين المدنيين بنسبة وصلت إلى 80% على مدار العامين الماضيين وفقا لبعض الإحصائيات.
وبينما أكد جريفيث حدوث انتهاكات لوقف إطلاق النار بشكل يومي، إلا أنه لم يتحدث عن أي خطوات تم اتخاذها من أجل وقف هذه الانتهاكات حتى وإن كان من خلال ممارسة الضغوط.
سياسيًّا أيضًا، أوضح جريفيث أنه لم يتم إحراز تقدم كاف في إعادة تنشيط لجنة تنسيق إعادة الانتشار المشتركة، وهو عنصر حاسم لضمان وقف إطلاق النار، منذ تعليق عمل اللجنة في مارس 2020.
هذه الإحاطة هي الأخيرة لجريفيث، ففي منتصف مايو الماضي أعلنت الأمم المتحدة تعيين مبعوثها إلى اليمن مارتن جريفيث، وكيلًا للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
ويحل جريفيث خلفا للبريطاني مارك لوكوك الذي يشغل منصب وكيل للشؤون الإنسانية للأمين العام للأمم المتحدة منذ 2017، والذي تنتهي حقبته مطلع يوليو المقبل ليغادر العمل بمنظمة الأمم المتحدة.
ومن المقرر أن تتم تسمية مبعوث جديد لليمن خلفا لمارتن جريفيث، شريطة موافقة مجلس الأمن الدولي المكون من 15 عضوًا.