المتسولون في مناطق الحوثي.. وقود جديد للجبهات
لم يسلم الفقراء وتحديدًا المتسولون من المخططات الحوثية للتوسع في التجنيد القسري، إذ تخطط المليشيات لمرحلة جديدة من الدفع بهم صوب جبهات القتال، بما يعبر عن نوايا هذا الفصيل نحو إطالة أمد الحرب.
وأعدت المليشيات الحوثية، ما يُسمى بـ"مشروع لائحة تنظيمية للتسول"، وذلك من أجل الاستفادة من أعداد المتسولين الضخمة، وتلقينهم أفكارًا طائفية ومن ثم تجنيدهم.
ويجهز الحوثيون لشن حملات ميدانية مسلحة عبر عربات أمنية، تجوب المناطق الخاضعة لسيطرتهم لاستقطاب الفقراء، وذلك تنفيذًا لتعليمات زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي الذي دعا إلى الاستفادة من المتسولين.
ووضعت المليشيات آليات استهداف المتسولين، وذلك من خلال إنشاء مركزين حوثيين يتم تخصيصهما لتجميع هؤلاء الأفراد، والعمل على غرس أفكار طائفية في عقولهم، تمهيدًا للدفع بهم صوب جبهات القتال الحوثية.
وتسببت الحرب الحوثية القائمة منذ صيف 2014، في تزايد أعداد الفقراء، وذلك بفعل وقف صرف الرواتب وتضرر الكثير من المنشآت من الحرب وبالتالي اضطرارها إلى تسريح العاملين فيها، فضلًا عن الانهيار الاقتصادي.
وتقول تقارير أممية إن الحرب في اليمن أدت إلى تدهور كبير خطير للأحوال الاقتصادية، وأدى ذلك إلى تراجعٍ حادٍ في الإنتاج ودخل الأسر، كما ارتفعت معدلات الفقر ارتفاعاً كبيراً، حيث يعيش نحو 80% من السكان على أقل من 3.2 دولار للفرد في اليوم.
وترجمة للإحصائية الأممية، فتكاد لا تخلو الشوارع الرئيسية من المتسولين، الذين لا تقتصر فئتهم على كبار السن فقط، لكن الشوارع تكتظ أيضًا بأعداد كبيرة من النساء والأطفال الذين أجبرتهم أوضاع الحرب الصعبة على التسول.
تفاقم أعداد المتسولين لا سيّما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تزامن معه إتساع دائرة الاستهداف من قِبل المليشيات، التي تمارس تضييقات عليهم سواء من خلال ممارسة اعتداءات عليهم أو فرض إتاوات عليهم وصولًا إلى تجنيدهم قسرًا.
وسبق أن فرضت المليشيات الحوثية ضرائب على المتسولين في مناطق سيطرتها وبخاصة صنعاء، إذ عملت أولًا على جمع معلومات عنهم، ثم أقدمت على تخيير الأسر بين دفع الضرائب على ممارسة التسول أو السجن.
إقدام الحوثيين على جمع المعلومات عن المتسولين استهدف أيضًا التسخير هؤلاء الفقراء تنفيذ مشروعات وخطط غير مشروعة تخدم المليشيات بشكل مباشر، ومن أجل هذا الغرض عملت المليشيات على تأزيم أوضاعهم المعيشية عملًا على تسخيرهم لخدمتها.
ولا توجد إحصائية رسمية توثّق عدد المتسولين في الوقت الحالي، لكن تقديرات صدرت عن مراكز بحثية تعود إلى عام 2017 إلى نحو 1.5 مليون متسول، وبالنظر إلى التردي المعيشي الحالي فيما يخص ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وتفشي والأمراض والأوبئة فضلًا عن الاستمرار في وقف صرف الرواتب فمن الواضح أن هذه العدد في تزايد مستمر.
كما قدر أكاديميون مختصون بقضايا السكان، أن أعداد المتسولين فيها، حتى مايو 2019 في محافظة صنعاء، تخطى 200 ألف متسول، وهم من أعمار سنية مختلفة.