إبراهيم رئيسي يمنح قُبلة الحياة للمليشيات الحوثية
تنفست المليشيات الإرهابية التي تدعمها إيران في عدد من الدول العربية الصعداء مع الإعلان عن فوز المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي، إذ ضمنت استمرار الدعم القادم إليها على نحو أكبر مما كان عليه في السابق، وذلك بفعل حالة التناغم بين رئيسي والمرشد الأعلى علي خامنئي.
وتسابقت المليشيات الإرهابية التي تدعمها إيران في تقديم التهاني للرئيس الجديد وفي مقدمتهم "حزب الله" في لبنان، وحركة "حماس" في قطاع غزة، والمليشيات الحوثية في اليمن، وعدّ ذلك مؤشرا على ما سيحمله أيضا هذا الانتخاب لجهة علاقة طهران بالمليشيات التي تدور في فلكها، تحديدا وأنها حملت العديد من عبارات التملق التي بينها أن انتخابه يعد بمثابة "حصنا منيعا وملاذا آمنا وسندا قويا"، بحسب ما جاء في بيان تهنئة حزب الله.
بالطبع لم تتخلى إيران في يوم من الأيام عن مليشياتها الداعمة لها في الخارج، غير أن الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، وكلاهما ينتميان للتيار "المعتدل"، الذي لا يريد أن تكون تلك المليشيات المنتشرة في أكثر من دولة، مصدر توتر لعلاقات بلاده مع جيرانها العرب، وبالتالي سعى ظريف بإيعاز من روحاني إلى محاولة تهذيب أدائها وخطابها، والحد من نشاطها السياسي.
تلك المحاولات لم يكن لها أصداء على الأرض، لأن الحرس الثوري الإرهابي تغول على عمل وزارة الخارجية وهو الأمر الذي اشتكى منه وزير الخارجية في التسجيلات المسربة، والتي نشرت في إبريل الماضي، حيث اعتبر أن عمل وزارته أصبح في خدمة "العسكر" وليس العكس، وبالتالي فإن وجود إدارة جديدة لديها تناغم مع الحرس الثوري ستقود لمزيد من الدعم المقدم للمليشيات.
حاول الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني أن يخدع المجتمع الدولي مند أن أبدت الإدارة الأمريكية الجديدة انفتاحا على العودة إلى مفاوضات الاتفاق النووي، وبالتالي فإنه عمد على تهدئة المليشيات الإرهابية المنتشرة في أكثر من بلد عربي، واستخدمها في التصعيد كلما كان بحاجة للضغط لحصد مكاسب أكبر وهي صيغة لم تكن مريحة للمليشيات لأنها كانت بشكل مستمر تحت ضغوط تيارين متناقضين تخشى خسارة أحدهما، لكنها لم يكن لديها القدرة على الاعتراض وحاولت أن توفق أوضاعها على أساس هذا التباين.
لعل ذلك ما يفسر صراع الأجنحة داخل المليشيات الحوثية الذي تزايدت وتيرته خلال الفترة الماضية، وبدا أن هناك مشكلات في قدرة إيران السيطرة الكاملة على هذا الصراع بالرغم من تعيين مبعوث لها لدى المليشيات في صنعاء.
في نهاية 2020 عينت طهران إيرلو مبعوثا لها لدى المليشيات، حيث رشحت معلومات بأن حزب الله اللبناني قام بتسهيل تهريبه ليصل إلى صنعاء، وفي ذلك الحين أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، "إن تعيين إيران للضابط في الحرس الثوري حسن إيرلو سفيرا في اليمن يشير إلى نيتها زيادة دعمها للحوثيين".
وشكل تعيين أيرلو دلالة واضحة أن التيار المتشدد في إيران والذي يقود المرشد على خامئني والحرس الثوري الإيراني لديهم نية في حسم الخلاف السابق، إذ أنه ضابط دفاع جوي في الحرس الثوري الجمهوري، وينتمي لعائلة كان معظم أفرادها في الحرس الثوري، كما أنه يقوم بنفسه بالتخطيط والإشراف على إطلاق الطائرات المسيرة باتجاه المملكة العربية السعودية.
وبحسب دراسة صادرة، اليوم الأحد، عن مركز القرار للدراسات الإعلامية، فإن مباحثات فيينا الخاصة بإحياء الاتفاق النووي الإيراني تشكل إحدى المحطات الجوهرية والرئيسية في مستهل رئاسة إبراهيم رئيسي، حيث ستكون مؤشرًا كاشفًا عن نمط العلاقة التفاوضية التي ستربط طهران بالغرب خلال السنوات الأربع القادمة في ملفات أشمل من القضية النووية، ومن أبرزها السلوك الإيراني التخريبي في المنطقة والبرنامج الصاروخي.
وأضافت الدراسة أن "تأثير سيطرة التيار المتشدد على الرئاسة ومجلس الشورى (البرلمان)، وتحالف رئيسي مع مليشيا الحرس الثوري، فضلًا عن تغلغل الحرس الثوري في مؤسسات الدولة المختلفة يشير إلى أن السياسات التخريبية في المنطقة عبر دعم الأذرع العسكرية لن تشهد تراجعًا، فالحشد الشعبي في العراق، والحوثيون في اليمن، وحزب الله في لبنان يظلون أوراقًا مهمة في يد طهران لممارسة لعبة المساومات مع الغرب، وزعزعة استقرار المنطقة".
يؤكد هذا المنطلق ما ذهبت إليه المليشيات الحوثية أمس السبت مع إعلان فوز إبراهيم رئيسي حيث قامت باستهداف المملكة العربية السعودية بـ 17 صاروخ بالستي وطائرة مسيرة، هذا إلى جانب تصعيدها في مأرب، بما يؤكد على أنها وصلتها رسائل مباشرة بارتكاب جرائم إرهابية في أكثر من منطقة وبكثافة لم تكن حاضرة من قبل لتؤسس لمرحلة جديدة قد يتصاعد فيها الإرهاب الإيراني.