الفشل الإداري في مناطق النفوذ الإخواني.. تعز نموذجًا
في الوقت الذي تكرس فيه السلطة الإخوانية في محافظة تعز وقتها لتمديد نفوذها على كافة الأصعدة، فهي تتبع سياسة إهمال واسعة النطاق تغذي الأزمات المعيشية وتبرهن على حجم فشل الشرعية في بسط سيطرتها الإدارية على أي منطقة.
فعلى الصعيد الصحي، تشهد مدينة تعز تفشيًّا مخيفًا للأمراض والأوبئة، في مقابل منظومة صحية متهالكة ومتردية من إهمال السلطة الإخوانية هناك في الوفاء بالاحتياجات اللازمة لتسيير العمل في المستشفيات.
وتعاني تعز من انتشار ملحوظ لمرض الملاريا، إذ تشير إحصاءات رسمية نشرتها وسائل إعلام مقربة من تنظيم الإخوان، المهيمن على أجزاء كبيرة من المحافظة إداريًّا وعسكريًّا، بأنه تم تسجيل 2800 إصابة منذ مطلع العام الجاري، إلى جانب أكثر من عشرة آلاف حالة يشتبه إصابتها بالمرض.
الإهمال الإخواني في مكافحة تفشي وباء الملاريا، خلّف معاناة ضخمة للسكان، لا تختلف عما يعانيه القاطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إذ تم تسجيل 110 آلاف إصابة بالمرض خلال أشهر أبريل ومايو ويونيو، وذلك وفق معلومات منسوبة إلى مصادر طبية تعمل في مناطق الحوثيين.
أعباء تعز من جرّاء قبضة الإخوان لم تخلّف انتشارًا لمرض الملاريا فقط، لكن عددًا كبيرًا من الأمراض والأوبئة تفشت بقوة بما ذلك جائحة كورونا التي عجزت المنظومة الصحية الرخوة منذ تسجيل الإصابة الأولى في مايو من العام الماضي.
وإلى جانب الأعباء الصحية التي ضخّمتها أيضًا توقف العديد من المراكز الصحية والطبية عن العمل، فإن التردي المعيشي في كافة قطاعات محافظة تعز وثّق حجم الفشل الإداري لتنظيم الإخوان الذي يولي كل اهتمامه للمحافظة على نفوذه بشتى الطرق، دون إيلاء أي اهتمام للعمل على تحسين أوضاع المواطنين المعيشية.
معالم التردي المعيشي في تعز تجلّت مؤخرًا، في الارتفاع الكبير لأسعار المشتقات النفطية، إلى جانب أزمة انعدام الغاز المنزلي في أغلب الأوقات وارتفاع سعره في السوق السوداء، وارتفاع تعريفة الكهرباء التجارية إذ تصل قيمة الكيلو وات 500 ريال، وكذا ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلًا عن تهاوي العملة المحلية مقابل النقد الأجنبي.
ويعاني سكان تعز أيضًا من ارتفاع قميه المياه، إذ تبلغ قيمة الصهريج أكثر من 25 ألفًا بزيادة ثمانية آلاف ريال عما كان الوضع عليه قبل عامين، والأكثر من ذلك أن الآبار السطحية التي يتم تزويد المياه سكان المدينة بها أوشكت على الجفاف، وهي 17 بئرًا.
إزاء هذا الأعباء والأزمات والتي تسير في منحى متفاقم، فإن السلطة الإخوانية مارست إهمالًا واسع النطاق، وعملت على تجاهل احتياجات السكان، وعملت على تعزيز نفوذها والتوسع في تكوين شبكات الفساد التي ترتكب جرائم نهب أموال في مختلف الجهات.
عسكريًّا، توظف السلطة الإخوانية العناصر المنضوية تحت لواء ما يُسمى الجيش الوطني، في فرض حالة من القمع لترويع السكان على مدار الوقت، وكثيرًا ما تنتشر الآليات العسكرية الإخوانية أمام مختلف المؤسسات والمواقع تفاديًّا لأي تحركات قد تهدد النفوذ الإخواني.
ويعتمد تنظيم الإخوان، في تحركاته المشبوهة في تعز لتعزيز قبضته على السلطة، على دعم مالي يحصل عليه من قطر وتركيا، بالإضافة إلى الاتفاق مع المليشيات الحوثية الذين يحاصرون المحافظة من الشمال على عدم تعرض أي طرف للطرف المقابل، وعلى التعاون والتنسيق ميدانيًا كلّما كان ذلك متاحًا.
وركز حزب الإصلاح على الجانب العسكري باعتباره الطريق الأسهل والأفضل للاستيلاء على السلطة من وجهة نظر قيادات الحزب، فوضع الاستيلاء على المؤسسة العسكرية في مقدمة الأهداف التي سعى لتحقيقها باكرًا.
واخترق حزب الإصلاح، المؤسسة العسكرية مبكرًا بالإضافة لتسخير كل جهوده للاستحواذ عليها، فعمل على دعم وإنشاء كيانات مسلحة موازية لوحدات الجيش وخارج منظومتها، مع تشكيل كيانات إرهابية من خلال استقطاب وإيواء ودعم العناصر الإرهابية، وإنشاء معسكرات تجنيد خاصة خارج إطار القانون.