تخوفات في الشيوخ الأمريكي من صفقة مع إيران تلغي العقوبات على رئيسي
فيما يخضع الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي لعقوبات أمريكية إثر ارتكابه الكثير من الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، فإن مشرعين أمريكيين يتخوفون من إبرام صفقة مع إيران يُزاح على إثرها رئيسي من قائمة العقوبات.
رئيسي مُعاقب من قِبل الإدارة الأمريكية بموجب أمر تنفيذي حمل رقم 13876 وصدر في نوفمبر 2019 بتوقيع الرئيس آنذاك دونالد ترامب، بسبب اتهامات في مجال حقوق الإنسان، وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أضافته إلى جانب ثمانية مسؤولين إيرانيين إلى قائمة العقوبات.
ومع إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي جرت يوم الجمعة الماضي ووصفت بـ"الهزلية"، فقد حذّر مشروعون أمريكيون، إدارة الرئيس جو بايدن من رفع العقوبات عن "رئيسي" بأي شكل من الأشكال نظرا لتورطه بانتهاكات حقوق الإنسان.
ورئيسي متهم بأنه أشرف على صدور وتنفيذ أحكام إعدام ضد أعداد كبيرة من المعارضيين السياسيين في 1988، وتقول الإدارة الأمريكية إن تعيين رئيسي على رأس السلطة القضائية تزامن معه أيضًا تصاعد ملحوظ في وتيرة الانتهاكات ضد حقوق الإنسان عبر تنفيذ حكم إعدام بعد اعتقال ومحاكمة لا تراعي أي أصول قانونية.
وعقدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بجلسة استماع،ـ تحدث خلالها السيناتور الجمهوري تيد كروز، عن رئيسي بوصفه بأنه وحش وطاغية، داعيًا بايدن إلى فرض عقوبات إضافية عليه تحت قانون ماجنيتكسي لحقوق الإنسان.
وهذا القانون الدولي للمساءلة حول حقوق الإنسان أقره الكونجرس الأمريكي في 2012 بنسخته الأولية التي سميت تيمنًا بالمعارض الروسي سيرغي ماجنيتسكي الذي قضي في سجن في موسكو، وفي 2016 وسع الكونجرس هذا القانون ليشمل فرض عقوبات على منتهكي حقوق الانسان في كل أنحاء العالم.
وأشار السيناتور إلى أن رئيسي كان واحدًا من أربعة قضاة في لجنة الموت المسؤولة عن الإعدام الجماعي لآلاف السجناء في عام 1988 ثم تسلم منصب مدع عام في طهران واستعمل منصبه لمحاكمة المعارضين الإيرانيين، وهو أعرب عن نيته في الاستمرار بسياسة القمع هذه وتصعيد الاعتداءات العسكرية الإيرانية.
كما دعا كروز إلى فرض عقوبات ماجنيتسكي على المرشد علي خامنئي بتهم الفساد وانتهاكات حقوق الانسان، وقال: "خامنئي استخدم الفساد والعنف ومصادرة الممتلكات لجمع أكثر من 200 مليار دولار سرقها من الشعب الإيراني.. علينا فرض عقوبات لتجميد أصوله هذه ومواجهة النظام الإيراني".
وصرّح السيناتور الجمهوري بأنّ اعتداءات إيران المتكررة على القوات الأمريكية ودعمها الدائم للإرهاب واستفزازاتها المتكررة في المياه الدولية إضافة إلى سعيها الدائم للحصول على سلاح نووي هي أسباب كافية لعدم رفع العقوبات الأمريكية عن طهران.
في سياق متصل، دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية الديمقراطي بوب مننديز إلى عدم رفع العقوبات عن رئيسي، وقال إن الرئيس الإيراني المنتخب ارتكب انتهاكات كبيرة لحقوق الانسان وأن رفع العقوبات سيكون قراراً خاطئاً من قبل إدارة بايدن.
وفي محاولة للضغط على صانع القرار الأمريكي، فقد لوح بعض أعضاء مجلس الشيوخ بعرقلة المصادقة على مرشحين لتسلم مناصب رفيعة في وزراة الخزانة الأميركية في حال لم تتعهد الإدارة بالتطبيق الفوري للعقوبات على إيران والصين.
الدعوات التي يطلقها المشرعون الأمريكيون تأتي في ظل تخوفات من إقدام إدارة بلادهم على تقديم أي تنازلات في إطار المفاوضات مع إيران لعودتها للاتفاق النووي، علمًا بأن إدارة بايدن كانت قد أعلنت أنها ستستمر في سياستها لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان.
وكانت الإدارة الأمريكية قد حاولت حسم هذا الملف، عندما أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكين، في شهادته أمام الكونجرس التي عقدت قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية ببضعة أيام، أنه حتى إذا ما عادت إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ستظل مئات العقوبات سارية، بما في ذلك العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
لكن بلنكين أثار المخاوف على صعيد واسع، عندما قال إن إدارة بايدن ستظل ترفع العقوبات غير المتوافقة مع العودة للاتفاق النووي، ما يعني أن واشنطن قد تلغي عقوبات غير مرتبطة بالملف النووي، وهنا كثرت التوجسات من إمكانية رفع العقوبات عن رئيسي في محاولة لاستقطاب إيران مرة أخرى للاتفاق النووي.
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة النمساوية فيينا في شهر يوليو المقبل، جولة جديدة من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وتتمسك طهران بإلغاء العقوبات المفروضة عليه قبل المشاركة في الاجتماع.
وإزاء الضغوط الإيرانية لإزالة رئيسي من قائمة العقوبات، فإن مسؤولين أمريكيين أوضحوا أن هذه القضية قيد المناقشة، ما يعني إمكانية تقديم حزمة تنازلات من الجانبين بهدف إحداث تقدم نوعي في المحادثات النووية.