جنون المليشيات.. الحوثي يحارب السلفيين ويطبق أفكارهم
استمرت المليشيات الحوثية الإرهابية في حربها ضد المراكز والمساجد التابعة للسلفيين في مناطق سيطرتها، وأغلقت اليوم الاثنين مركزين لتحفيظ القرآن الكريم في صنعاء، ذلك في الوقت الذي أصدرت فيه تعميماً يقضي بمنع الفنانين والفنانات من حضور المناسبات والأعراس التي تقام في المناطق الواقعة تحت سيطرتها في سلوك يشبه كثيراً ما تُقدم عليه التنظيمات السلفية والجماعات الإرهابية في أماكن تواجدها.
برهن إقدام المليشيات الحوثية على اتخاذ القرارين على أنها تعاني من تناقضات فجة في سلوكياتها، وأن الهدف من توجهاتها المتعارضة هو تأمين مصالحها في مناطق تواجدها، إذ أنها تبعث برسائل للمواطنين العاديين بأنها ماضية في التضييق عليهم وحرمانهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي تحديداً في المناسبات الاجتماعية الخاصة بهم.
وعلى الجانب الآخر فإنها تغلق مراكز السلفيين ومساجدهم خشية من أن يكون انجذاب المواطنين للتيار السلفي مهدداً لها في مناطق وجودها، لأن الإقبال الطوعي الكبير على مراكز السلفيين أقلق المليشيا الإرهابية في وقت تعاني من عزوف المواطنين عن إرسال أبنائهم إلى مراكزها الصيفية.
وتمنع ميليشيا الحوثي الأجواء الاحتفالية والموسيقى والغناء في الأماكن العامة والتعليم المختلط بمناطق سيطرتها حيث شهدت عدة مدن يمنية حالات اعتداء من مسلحي الحوثي على مدنيين في أعراس وحفلات تخرج، وهي جميعها أفكار تؤمن بها تيارات سلفية متشددة تكون في الغالب على صلة بتنظيمات داعش والقاعدة.
يمكن القول بأن السلوك الحوثي المضطرب يأتي نتيجة عدم ثقتها في قدرتها على ضبط الأوضاع في المناطق الواقعة تحت سيطرتها في ظل حالة من الغضب الشعبي المتصاعدة جراء صعوبة الوضع المعيشي وتنامي الانتهاكات الممارسة بحقهم ما يجعلهم بحاجة لأي فصيل آخر من الممكن أن يكون منقذاً لهم من بطش العناصر الحوثية الإرهابية.
وتشن المليشيا الحوثية الإرهابية، حملة قمعية ضد المراكز السلفية المتبقية في صنعاء، وتمنع إقامة أنشطة صيفية فيها بما في تحفيظ القرآن الكريم، وقبل أيام أغلقت ستة مراكز تابعة للسلفيين في مناطق سعوان وجدر وشميلة.
كما طال الاستهداف الحوثي، كذلك منع الخطباء واستبدالهم بآخرين موالين للمليشيات، وهي مساجد سعوان والصديق والتوحيد في حي سعوان بصنعاء، والبشائر في محافظة إب، والفتح في ذمار، وفي منطقة الحصبة بمحافظة صنعاء، أغلق الحوثيون عدة مؤسسات سلفية بينها مؤسسة الصديق الخيرية، وفرضت سيطرة كاملة عليها واستبدلت القائمين عليها بعناصر تابعة للمليشيات.
لا ينفصل سلوك المليشيات الإرهابية عن مساعيها لتحويل مناطق سيطرتها إلى مستعمرات إيرانية شيعية تعمل فيها على غسل أدمغة المواطنين بأفكار ما يُسمى بـ"التعبوية الحربية"، وهو ما دفعها لوضع مناهج لطلاب المدارس تحتوي على دعوات صريحة إلى الكراهية ونبذ التسامح وتحريض على العنف وحث للناشئة على الانخراط فيه تحت مسمّى الجهاد، وهي الأفكار التي تعمل المليشيات على نشرها لخدمة مشروع أكبر يتصل بصراعات إيران في المنطقة ومخططاتها لمدّ نفوذها في الإقليم والتغلغل في مجتمعاته.
كشفت دراسة حديثة نشرتها منظمة إمباكت أس.إي المتخصّصة في مراقبة المناهج التعليمية والكتب المدرسية في جميع أنحاء العالم ورصد قيم السلام والتسامح في العمليات التعليمية، أن الحوثيين جعلوا من نظام التعليم في مناطق سيطرتهم أداة لدعم للحرب الميدانية التي يخوضونها، وحوّلوه إلى وسيلة لنشر القيم والثقافة والأفكار السياسية الإيرانية التي يتبنونها.
وتصف الدراسة التي حملت عنوان "مراجعة المواد التعليمية للحوثيين في اليمن" ما يتم تدريسه للطلاب تحت إشراف المليشيات الإرهابية بأنّه الأكثر إثارة للقلق بين المناهج والمحتويات التي قامت إمباكت أس.إي بمراجعتها، حيث تضم مزيجا من الكراهية وتمجيد العنف كحل وحيد لحل النزاعات عبر تلقين الأطفال وجوب التضحية بحياتهم، في تعارض تامّ مع معايير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" القائمة على نشر التسامح والسلام.